____________________
الاحتياط في دفع المكروه إلا أن المكروه (تارة) يراد به العقاب ونحوه مما يترتب على المعصية (وأخرى) يراد به الوقوع في المفسدة أو فوات المصلحة مما يترتب على مخالفة التكليف، فإن كان المراد به في المقام هو الأول امتنع التفكيك بين حسنه ووجوبه شرعا لعدم القول بالفصل وعقلا لوجوبه مع وجود مقتضيه... الخ ما ذكر في تقريب الاستدلال، أما إذا كان المراد به الثاني فلا مانع من التفكيك بين حسنه ووجوبه وعدم الفصل بينهما لم يثبت غاية الأمر عدم القول بالفصل وهو لا يدل على عدم الفصل، كما أن قول المستدل: لوجوبه مع وجود مقتضيه، ممنوع بل لا ريب في حسنه مع وجود مقتضيه مع عدم وجوبه كما في جميع موارد الاحتياط في الشبهات البدوية التي يرجع فيها إلى أصالة البراءة. نعم يشكل ذلك بان الحذر بالمعني المذكور إنما يترتب على مجرد احتمال الواقع بلا توسط الخبر فترتيبه على الخبر يقتضي أن يكون المراد به المعنى الأول (قوله: ها هنا) يعني إذا لم تقم حجة على التكليف (قوله: غايته عدم القول) بل لا ريب في ثبوت القول بالفصل لما عرفت من حسن الاحتياط عندهم في الشبهات البدوية مع كون المرجع فيها البراءة (قوله: والوجه الثاني والثالث) معطوف على الأول يعني يشكل الوجهان بعدم انحصار... الخ وحاصل اشكالهما: أنه وإن سلم اقتضاء ما ذكر من التقريبين لوجوب الحذر المترتب على الانذار لكن لم يظهر من الآية وجوبه مطلقا وإن لم يحصل العلم بل المستفاد منها وجوبه في الجملة ولو كان مختصا بصورة إفادة الانذار للعلم إذ يكفي ذلك في كونه فائدة لوجوب الانذار وعدم كونه لغوا كما يكفي في كونه غاية للواجب (فان قلت): اختصاص وجوب الحذر بصورة إفادة الانذار للعلم خلاف إطلاق الآية (قلت): الآية ليست مسوقة لبيان وجوب الحذر لكونه فائدة لوجوب الانذار أو غاية للانذار بل هي مسوقة لبيان وجوب النفر