الترجيح والاخذ بذي المرجح منهما ان كان هناك مرجح، ومع فقده وتساويهما فالتخيير بينهما (وقد عرفت) ان هذا التخيير ليس تخييرا في المسألة الفقهية، كالتخيير بين القصر والاتمام في المواطن الأربعة (إذ بعد) انتهاء الامر في المتعارضين ولو بمقتضى المدلول الالتزامي لهما في أغلب الموارد إلى النفي والاثبات يمتنع الوجوب التخييري في العمل بمؤدى الخبرين لكونه من ايجاب التخيير بين النقيضين (بل ولا تخييرا) عمليا منتجا للإباحة الظاهرية بمقتضى اللاحرجية بين الفعل والترك كما في الدوران بين المحذورين (فان) ذلك وان كان ممكنا في نفسه، ولكنه لا يساعده أدلة التخيير (بل هو) تخيير في المسألة الأصولية اي في الاخذ بأحدهما في مقام الاستطراق إلى الواقع المنتج لكون المأخوذ حجة تعيينية يتعين العمل بمضمونه بعد الاخذ به (فان) الظاهر من قوله (ع).. بأيهما اخذت من باب التسليم وسعك، هو أن طرف التخيير هو الاخذ بأحدهما ليكون المأخوذ حجة وطريقا محرزا للواقع الذي لازمه تعين العمل بمضمونه (ومرجعه) في الحقيقة إلى الامر التعييني بالعمل بكل واحد من الخبرين مشروطا بالأخذ به (فان) ذلك مما يستتبع تخيير المكلف بالأخذ بأحدهما مقدمة لتحصيل الحجة الشرعية (ومن هنا) لا يكون الحكم بالتخيير في الاخذ بأحدهما حكما مولويا يترتب العقوبة على تركه من حيث نفسه، وانما هو ارشاد إلى حكم العقل بوجوبه مقدمة لتحصيل الحجة الشرعية مع القدرة عليه، كما هو الشأن في حكمه في الشبهة قبل الفحص للقادر على تحصيل الحجة الشرعية.
(الثاني) في أنه هل بتعين على الحاكم وكذا على المفتي في مقام الافتاء ان يختار أحد الخبرين والافتاء على طبق مضمون ما اختاره من الحكم الفرعي (أو ان) له الافتاء بالحكم الأصولي وهو التخيير في الاخذ بأحد الخبرين، فيختار المقلد ما أحب منهما ولو على خلاف ما اختاره مجتهده (أو الافتاء) بالتخيير في العمل بكل منهما (فنقول) اما الحاكم والقاضي فلا اشكال في أنه يتعين عليه اختيار أحدهما والحكم على طبقه، لعدم فصل الخصومة إلا به ولا معنى لتخيير المتخاصمين في الاخذ أو في العمل بأحد الخبرين.
(واما المفتى) في مقام الافتاء (فقد) يقال بابتناء الخلاف المزبور على