والشاعر ملعون وان أصاب ومنقوص وان أتى بالشئ العجاب وكأني بك قد أوهمك الشيطان فضيلة الشعر فجعلت تنفق ما تلفق بين جماعة لم يعرفوا لك فضيلة غيره فسموك به وكان ذلك وصمة عليك آخر الدهر ألم تسمع:
ولست ارضى أن يقال شاعر * تبا لها من عدد الفضائل فوقف خاطري عند ذلك حتى كأني لم أقرع له بابا ولم أرفع له حجابا وأكد ذلك عندي ما رويته باسناد متصل ان رسول الله صلى الله عليه وآله دخل المسجد وبه رجل قد أطاف به جماعة فقال ما هذا؟ قالوا علامة، فقال: ما العلامة؟ قالوا عالم بوقايع العرب وأنسابها وأشعارها فقال عليه الصلاة والسلام ذلك علم لا يضر من جهلة ولا ينفع من علمه، ومن البين ان الإجادة فيه تفتقر إلى تمرين الطبع وصرف الهمة إلى الفكر في تناسب معناه ورشاقة ألفاظه وجودة سبكه وحسن حشوه تمرينا متكررا حتى يصير خلقا وكما أن ذلك سبب الاستكمال فيه فالاهمال سبب القصور عنه والى هذا المعنى أشرت من جملة أبيات:
هجرت صوغ قوافي الشعر مذ زمن * هيهات يرضى وقد أغضبته زمنا وعدت أوقظ أفكاري وقد هجعت * عنفا وأزعج غربي بعدما سكنا ان الخواطر كالآبار ان نزحت * طابت وان يبق فيها ماؤها آجنا فاصفح شكرت أياديك التي سلفت * ما كنت أظهر عيبي بعد ما كمنا ولمكان اضرابي عن نظمه واعراضي حتى ذكر اسمه لم يبق الا ما هو حقيق أن يرفض ولا يعرض ويضمر ولا يظهر لكني مع ذلك أورد ما ادخل به في حيز الامتثال وان كان ستره أنسب بالحال فمنه:
وما الاسراف من خلقي واني * لا جزأ بالقليل عن الكثير ولا أعطي المطامع لي قيادا * ولو خودعت بالمال الخطير وأغمض عن عيوب الناس * حتى أخال بأن يناجيني ضميري