والثاني: ان تعليل الآية {1} يمنع من الاستدلال بها، لان الله تعالى علل خبر الفاسق فقال: " أن تصيبوا قوما بجهالة " وذلك قائم في خبر العدل، لان خبره إذا كان لا يوجب العلم، فالتجويز في خبره حاصل مثل التجويز في خبر الفاسق.
وليس لاحد أن يقول: اني أمنع من تجويز ذلك في العدل، لأنه لو كان ذلك جائزا لما علق تجويز الجهالة بالفاسق؟ لان ذلك لا يصح من وجهين:
أحدهما: ان هذا يقتضي أن يقطع على انه يعلم بخبر العدل، لان الجهل لا يرتفع الا ويحصل العلم، وذلك لا يقوله أحد.]
____________________
(1) قوله (والثاني ان تعليل الآية الخ) حاصله ان الجهالة في الآية مقابل للعلم كما هو ظاهر اللغة وعرف الأصوليين، وبقرينة قوله: " فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " (3) وليس مقابلا للأعم من العلم والظن. ولا يخفى انه لو جعلت مقابلا للأعم أيضا لتم الجواب بأن خبر العدل ليس مفيدا للظن كليا ولا خبر الفاسق مما لا يفيد الظن كليا.