تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٢٥٥
نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة وقيل يرثني الحبورة وكان عليه السلام حبرا (ويرث من آل يعقوب) يقال ورثه وورث منه لغتان وآل الرجل خاصته الذين يؤول إليه أمرهم للقرابة أو الصحبة أو الموافقة في الدين وكانت زوجة زكريا أخت أم مريم أي ويرث منهم الملك قيل هو يعقوب بن إسحاق ابن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام وقال الكلبي ومقاتل هو يعقوب بن ماثان أخو عمران بن ماثان من نسل سليمان عليه السلام وكان آل يعقوب أخوال يحيى بن زكريا قال الكلبي كان بنو ماثان رؤوس بني إسرائيل وملوكهم وكان زكريا رئيس الأحبار يومئذ فأراد أن يرثه ولده حبورته ويرث من بني ماثان ملكهم وقرئ ويرث وارث آل يعقوب على أنه حال من المستكن في يرث وقرئ أو يرث آل يعقوب بالتصغير ففيه إيماء إلى وراثته عليه السلام لما يرثه في حالة صغره وقرئ وارث من آل يعقوب على أنه فاعل يرثني على طريقة التجريد أي يرثني به وارث وقيل من للتبعيض إذ لم يكن كل آل يعقوب عليه السلام أنبياء ولا علماء (واجعله رب رضيا) مرضيا عندك قولا وفعلا وتوسيط رب بين مفعولي اجعل للمبالغة في الاعتناء بشأن ما يستدعيه (يا زكريا) على إرادة القول أي قال تعالى يا زكريا (إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى) لكن لا بأن يخاطبه عليه الصلاة والسلام بذلك بالذات بل بواسطة الملك على أن يحكي له عليه الصلاة والسلام هذه العبارة عنه عز وجل على نهج قوله تعالى قل يا عبادي الذين أسرفوا الآية وقد مر تحقيقه في سورة آل عمران وهذا جواب لندائه عليه الصلاة والسلام ووعد بإجابة دعائه لكن لا كلا كما هو المتبادر من قوله تعالى فاستجبنا له ووهبنا له يحيى الخ بل بعضا حسبما تقتضيه المشيئة الإلهية المبنية على الحكم البالغة فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وإن كانوا مستجابي الدعوة لكنهم ليسوا كذلك في جميع الدعوات ألا يرى إلى دعوة إبراهيم عليه الصلاة والسلام في حق أبيه وإلى دعوة النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال وسألته أن لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها وقد كان من قضائه عز وعلا أن يهبه يحيى نبيا مرضيا ولا يرثه فاستجيب دعاؤه في الأول دون الثاني حيث قتل قبل موت أبيه عليهما الصلاة والسلام على ما هو المشهور وقيل بقي بعده برهة فلا إشكال حينئذ وفي تعيين اسمه عليه الصلاة والسلام تأكيد للوعد وتشريف له عليه الصلاة والسلام وفي تخصيصه به عليه السلام حسبما يعرب عنه قوله تعالى (لم نجعل له من قبل سميا) أي شريكا له في الاسم حيث لم يسم أحد قبله بيحيى مزيد تشريف وتفخيم له عليه الصلاة والسلام فإن التسمية بالأسامي البديعة الممتازة عن أسماء سائر الناس تنويه بالمسمى لا محالة وقيل سميا شبها في الفضل والكمال كما في قوله تعالى هل تعلم له سميا فإن المتشاركين في الوصف بمنزلة المتشاركين في الاسم قالوا لم يكن له عليه الصلاة والسلام مثل في أنه لم يعص الله تعالى ولم يهم بمعصية قط وأنه ولد من شيخ فان وعجوز عاقر وأنه كان حصورا فيكون هذا إجمالا لما نزل بعده من قوله تعالى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين والأظهر أنه اسم أعجمي وإن كان عربيا فهو منقول عن الفعل كيعمر ويعيش قيل سمي به لأنه حي به رحم أمه أوحى دين الله تعالى بدعوته
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272