تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ١٠٠
حكمة في تلك المشيئة لما أن الذي عليه يدور فلك التكليف وإليه ينسحب الثواب والعقاب إنما هو الاختيار الجزئي الذي عليه يترتب الأعمال التي بها نيط الجزاء هذا هو الذي يقتضيه المقام ويستدعيه حسن الانتظام وقد فسر كون قصد السبيل عليه تعالى بانتهائه إليه نهج الاستقامة وإيثار حرف الاستعلاء على أداة الانتهاء لتأكيد الاستقامة على وجه تمثيلي من غير أن يكون هناك استعلاء لشيء عليه سبحانه وتعالى عنه علوا كبيرا كما في قوله تعالى هذا صراط على مستقيم فالقصد مصدر بمعنى الفاعل والمراد بالسبيل الجنس كما مر وقوله تعالى ومنها جائر معطوف على الجملة الأولى والمعنى أن قصد السبيل واصل إليه تعالى بالاستقامة وبعضها منحرف عنه ولو شاء لهداكم جميعا إلى الأول وأنت خبير بأن هذا حق في نفسه ولكنه بمعزل عن نكتة موجبة لتوسيطه بين ما سبق من أدلة التوحيد وبين ما لحق ولما بين الطريق السمعي للتوحيد على وجه إجمالي وفصل بعض أدلته المتعلقة بأحوال الحيوانات وعقب ذلك ببيان السر الداعي إليه بعثا للمخاطبين على التأمل فيما سبق وحثا على حسن التلقي لما لحق أتبع ذلك ذكر ما يدل عليه من أحوال النبات فقيل (هو الذي أنزل) بقدرته القاهرة (من السماء) أي من السحاب أو من جانب السماء (ماء) أي نوعا منه وهو المطر وتأخره عن المجرور لما مر مرارا من أن المقصود هو الإخبار بأنه أنزل من السماء شيئا هو الماء لا أنه أنزله من السماء والسر فيه ما سلف من أن عند تأخير ما حقه التقديم يبقى الذهن مترقبا له مشتاقا إليه فيتمكن لديه عند وروده عليه فضل تمكن (لكم منه شراب) أي ما تشربونه وهو إما مرتفع بالظرف الأول أو مبتدأ وهو خبره والجملة صفة لماء والظرف الثاني نصب على الحالية من شراب ومن تبعيضية وليس في تقديمه إيهام حصر المشروب فيه حتى يفتقر إلى الاعتذار بأنه لا باس به لأن مياه العيون والأبيار منه لقوله تعالى فسلكه ينابيع في الأرض وقوله تعالى فأسكناه في الأرض وقيل الظرف الأول متعلق بأنزل والثاني خبر لشراب والجملة صفة لماء وأنت خبير بأن ما فيه من توسيط المنصوب بين المجرورين وتوسيط الثاني منهما بين الماء وصفته مما لا يليق بجزالة نظم التنزيل الجليل (ومنه شجر) من ابتدائية أي ومنه يحصل شجر ترعاه المواشي والمراد به ما ينبت من الأرض سواء كان له ساق أو لا أو تبعيضية مجازا لأنه لما كان سقيه من الماء جعل كأنه منه كقوله أسنمة الآبال في ربابه يعني به المطر الذي ينبت به الكلأ الذي تأكله الإبل فتسمن أسنمتها وفي حديث عكرمة لا تأكلوا ثمن الشجر فإنه سحت يعني الكلأ (فيه تسيمون) ترعون من سامت الماشية وأسامها صاحبها وأصلها السومة وهي العلامة لأنها تؤثر بالرعي علامات في الأرض (ينبت) أي الله عز وجل وقرئ بالنون (لكم به) بما أنزل من السماء (الزرع والزيتون والنخيل والأعناب) بيان للنعم الفائضة عليهم من الأرض
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272