تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٩٦
الشأن أقول لكم انذروا أو مفسرة على أن تنزيل الملائكة بالوحي فيه معنى القول كأنه قيل يقول بواسطة الملائكة لمن يشاء من عباده أنذروا فلا محل لها من الإعراب أو مصدرية لجواز كون صلتها إنشائية كما في قوله تعالى وأن أقم وجهك حسبما ذكر في أوائل سورة هود فمحلها الجر على البدلية أيضا والإنذار الإعلام خلا أنه مختص بإعلام المحذور من نذر بالشيء إذا علمه فخذوه وأنذره بالأمر إنذارا أي أعلمه وحذره وخوفه في إبلاغه كذا في القاموس أي أعلموا الناس (أنه لا إله إلا أنا) فالضمير للشأن ومدار وضعه موضعه ادعاء شهرته المغنية عن التصريح به وفائدة تصدير الجملة به الإيذان من أول الأمر بفخامة مضمونها مع ما فيه من زيادة تقرير له في الذهن فإن الضمير لا يفهم منه ابتداء إلا شأن مبهم له خطر فيبقى الذهن مترقبا لما يعقبه فيتمكن لديه عند وروده فضل تمكن كأنه قيل انذروا أن الشأن الخطير هذا وأنباء مضمونه عن المحذور ليس لذاته بل من حيث اتصاف المنذرين بما يضاده من الإشراك وذلك كاف في كون إعلامه إنذارا وقوله سبحانه (فائقون) خطاب للمستعجلين على طريقة الالتفات والفاء فصيحة أي إذا كان الأمر كما ذكر من جريان عادته تعالى بتنزيل الملائكة على الأنبياء عليهم السلام وأمرهم بأن ينذروا الناس أنه لا شريك له في الألوهية فائقون في الإخلال بمضمونه ومباشرة ما ينافيه من الإشراك وفروعه التي من جملتها الاستعجال والاستهزاء وبعد تمهيد الدليل السمعي للتوحيد شرع في تحرير الأدلة العقلية فقيل (خلق السماوات والأرض بالحق) أي أوجدهما على ما هما عليه من الوجه الفائق والنمط اللائق (تعالى) وتقدس بذاته لا سيما بأفعاله التي من جملتها إبداع هذين المخلوقين (عما يشركون) عن إشراكهم المعهود أو عن شركة ما يشركونه به من الباطل الذي لا يبدىء ولا يعيد وبعد ما نبه على صنعه الكلي المنطوي على تفاصيل مخلوقاته شرع في تعداد ما فيه من خلائقه فبدأ بفعله المتعلق بالأنفس فقال (خلق الإنسان) أي هذا النوع غير الفرد الأول منه (من نطفة) جماد لا حس له ولا حراك سيال لا يحفظ شكلا ولا وضعا (فإذا هو) بعد الخلق (خصيم) منطيق مجادل عن نفسه مكافح للخصوم (مبين) لحجته لقن بها وهذا أنسب بمقام الامتنان بإعطاء القدرة على الاستدلال بذلك على قدرته تعالى ووحدته أو مخاصم لخالقه منكر له قائل من يحي العظام وهي رميم وهذا أنسب بمقام تعداد هنات الكفرة روى أن أبي به خلف الجمحي أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعظم رميم فقال يا محمدا أترى الله تعالى يحي هذا بعدما قد رم فنزلت (والأنعام) وهي الأزواج الثمانية من الإبل والبقر والضأن والمعز وانتصابه بمضمر يفسره قوله تعالى (خلقها) أو بالعطف على الإنسان وما بعده بيان ما خلق لأجله والذي بعده تفصيل لذلك وقوله تعالى (لكم) إما متعلق بخلقها وقوله (فيها) خبر مقدم وقوله (دفء) مبتدأ وهو ما يدفأ به فيقي من البرد والجملة حال من المفعول أو
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272