تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٣٥
والمأخوذ يساوي عشرة دراهم فما فوقها مع شروط فصلت في موقعها والمراد بأيديهما أيمانهما كما يفصح عنه قراءة ابن مسعود رضي الله عنه والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم ولذلك ساغ وضع الجمع موضع المثنى كما في قوله تعالى فقد صغت قلوبكما اكتفاء بتثنية المضاف إليه واليد اسم لتمام الجارحة ولذلك ذهب الخوارج إلى أن المقطع هو المنكب والجمهور على أنه الرسغ لأنه عليه الصلاة والسلام أتى بسارق فأمر بقطع يمينه منه «جزاء» نصب على أنه مفعول له أي فاقطعوا للجزاء أو مصدر مؤكد لفعله الذي يدل عليه فاقطعوا أي فجازوهما جزاء وقوله تعالى «بما كسبا» على الأول متعلق بجزاء وعلى الثاني باقطعوا وما مصدرية أي بسبب كسبهما أو موصولة أي ما كسباه من السرقة التي تباشر بالأيدي وقوله تعالى «نكالا» مفعول له أيضا على البدلية من جزاء لأنهما من نوع واحد وقيل القطع معلل بالنكال وقيل وهو منصوب بجزاء على طريقة الأحوال المتداخلة فإنه علة للجزاء والجزاء علة للقطع كما إذا قلت ضربته تأديبا له إحسانا إليه فإن الضرب معلل بالتأديب والتأديب معلل بالإحسان وقد أجازوا في قوله عز وجل أن يكفر بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده أن يكون بغيا مفعولا له ناصبه أن يكفروا ثم قالوا إن قوله تعالى أن ينزل الله مفعول له ناصبه بغيا على أن التنزيل علة للبغي والبغي علة للكفر وقوله تعالى «من الله» متعلق بمحذوف وقع صفة لنكالا أي نكالا كائنا منه تعالى «والله عزيز» غالب على أمره يمضيه كيف يشاء من غير ند ينازعه ولا ضد يمانعه «حكيم» في شرائعه لا يحكم إلا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة ولذلك شرع هذه الشرائع المنطوية على فنون الحكم والمصالح «فمن تاب» أي من السرق إلى الله تعالى «من بعد ظلمه» الذي هو سرقته والتصريح به مع أن التوبة لا تتصور قبله لبيان عظم نعمته تعالى بتذكير عظم جنايته «وأصلح» أي أمره بالتقصي عن تبعات ما باشره والعزم على ترك المعاودة إليها «فإن الله يتوب عليه» أي يقبل توبته فلا يعذبه في الآخرة وأما القطع فلا تسقطه التوبة عندنا لأن فيه حق المسروق منه وتسقطه عند الشافعي في أحد قوليه «إن الله غفور رحيم» مبالغ غفي المغفرة والرحمة ولذلك يقبل توبته وهو تعليل لما قبله وإظهار الاسم الجليل للإشعار بعلة الحكم وتأييد استقلال الجملة وكذا في قوله عز وجل «ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض» فإن عنون الألوهية مدار أحكام ملكوتهما والجار والمجرور خبر مقدم وملك السماوات والأرض مبتدأ والجملة خبر لأن وهي مع ما غفي حيزها سادة مسد مفعولي تعلم عند الجمهور وما فيه من تكرير الإسناد لتقوية الحكم والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق التلوين وقيل لكل أحد صالح للخطاب والاستفهام الإنكاري لتقرير العلم والمراد به الاستشهاد بذلك على قدرته تعالى
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302