التوراة «عليهم» أي على الذين هادوا وقرئ وأنزل الله على بني إسرائيل «فيها» أي في التوراة «أن النفس بالنفس» أن تقاد بها ذا قتلها بغير حق «والعين» تفقأ بالعي إذا فقئت بغير حق «والأنف» يجدع «بالأنف» المقطوع بغير حق «والأذن» تصلم «بالأذن» المقطوعة ظلما «والسن» تقلع «بالسن» المقلوعة بغير حق «والجروح قصاص» أي ذات قصاص إذا كانت بحيث تعرف المساواة وعن ابن عباس رضي تعالى عنهما أنهم كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة فنزلت وقرئ وإن الجروح قصاص وقرئ العين إلى آخره بالرفع عطفا على محل أن النفس لأن المعنى كتبنا عليهم النفس بالنفس إما لإجراء كتبنا مجرى قلنا وإما لأن معنى الجملة التي هي قولك النفس بالنفس مما يقع عليه الكتب كما يقع عليه القراءة تقول كتبت الحمد لله وقرأت سورة أنزلناها «فمن تصدق» أي من المستحقين «به» أي بالقصاص أي فما عفا عنه والتعبير عنه بالتصدق للمبالغة في الترغيب فيه «فهو» أي التصدق «كفارة له» أي للمتصدق يكفر الله تعالى بها ذنوبه وقيل للجاني إذا تجاوزت عنه صاحب الحق سقط عنه ما لزمه وقرئ فهو كفارته له أي فالمتصدق كفارته التي يستحقها بالتصدق له لا ينقص منها شيء وهو تعظيم لكما فعل كقوله تعالى فأجره على الله «ومن لم يحكم» كائنا من كان فيتناول من لا يرى قتل الرجل بالمرأة من اليهود تناولا بينا «بما أنزل الله» من الأحكام والشرائع كائنا ما كان فيدخل فيها الأحكام المحكية دخولا أوليا «فأولئك هم الظالمون» المبالغون في الظلم المتعدون لحدوده تعالى الواضعون للشيء في غير موضعه والجملة تذييل مقرر لإيجاب العمل بالأحكام المذكورة «وقفينا على آثارهم» شروع في بيان أحكام الإنجيل إثر بيان أحكام التوراة وهو عطف على أنزلنا التوراة أي آثار البيين المذكورين يقال قفيته بفلان إذا أتبعته إياه فحذف المفعول لدلالة الجار والمجرور عليه أي قفيناهم «بعيسى ابن مريم» أي أرسلناه عقبهم «مصدقا لما بين يديه من التوراة» حال من عيسى عليه السلام «وآتيناه الإنجيل» عطف على قفينا وقرئ بفتح الهمزة «فيه هدى ونور» كما في التوراة وهو في محل النصب على أنه حال من الإنجيل أي كائنا فيه ذلك كأنه قيل مشتملا على هجى ونور وتنوين هدى ونور للتفخيم ويندرج في ذلك شواهد نبوته عليه السلام «ومصدقا لما بين يديه من التوراة» عطف عليه داخل في حكم الحالية وتكرير ما بين يديه من التوراة لزيادة التقرير «وهدى وموعظة للمتقين» عطف على مصدقا منتظم معه في سلك الحالية جعل كله هدى بعد ما جعل مشتملا عليه حيث قيل هدى وتخصيص كونه هدى وموعظة بالمتقين لأنهم المهتدون بهداه والمنتفعون بجدواه «وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه» أمر مبتدأ لهم بأن يحكموا ويعملوا بما فيه من الأمور التي من جملتها دلائل رسالته عليه الصلاة
(٤٣)