تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ٤١
تعالى «الذين أسلموا» صف أجريت على النبيين على سبيل المدح دون التخصيص والتوضيح لكن لا للقصد إلى مدحهم بذلك حقيقة فإن النبوة أعظم من الإسلام قطعا فيكون وصفهم به بعد وصفهم بها تنزلا من الأعلى إلى الأدنى بل لتنويه شأن الصفة فإن إبراز وصف في معرض مد ح العظماء منبىء عن عظم قدر الوصف لا محالة كما في وصف الأنبياء بالصلاح ووصف الملائكة بالإيمان عليهم السلام ولذلك قيل أوصاف الأشراف أشراف الأوصاف وفيه رفع لشأن المسلمين وتعريض باليهود وأنهم بمعزل من الإسلام والاقتداء بدين الأنبياء عليهم السلام لا سيما مع ملاحظة ما وصفوا به في قوله تعالى «للذين هادوا» وهو متعلق بيحكم أي يحكمون فيما بينهم واللام ما لبيان اختصاص الحكم بهم أعم من أن يكون لهم أو عليهم كأنه قيل لأجل الذين هادوا وإما للإيذان بنفعه للمحكوم عليه أيضا بإسقاط النبعة عنه وإنا للإشعار بكمال رضاهم به وانقيادهم له كأنه أمر نافع لكلا الفريقين ففيه تعريض بالمحرفين وقيل التقدير للذين هادوا وعليهم فحذف ما حذف لدلالة ما ذكر عليه وقيل ما هو متعلق بأنزلنا وقيل بهدى ونور وفيه فصل بين المصدر ومعموله وقيل متعلق بمحذوف وقع صفة لهما ونور كائنان للذين هادوا «والربانيون والأحبار» أي الزهاد والعلماء من ولد هارون الذين التزموا طريقة النبيين وجانبوا دجين اليهود وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الربانيون الذي يوسوسون الناس بالعلم ويربونهم بصغاره قبل كباره والأحبار هم الفقهاء واحده حبر بالفتح والكسر والثاني أفصح وهو رأي الفراء مأخوذ من الحبير والتحسين فإنهم يحبرون العلم ويزينونه ويبينونه وهو عطف على النبيون أي هم أيضا يحكمون بأحكامها وتوسيط المحكوم لهم بين المعطوفين للإيذان بأن الصل في الحكم بها وحمل الناس على ما فيها هم النبيون وإنما الربانيون والأحبار خلفاء ونواب لهم في ذلك كما ينبئ عنه قوله تعالى «بما استحفظوا» أي بالذي استحفظوه من جهة النبيين وهو التوراة حيث سألوهم أن يحفظوها من التغيير والتبديل على الإطلاق ولا ريب في أن ذلك منهم عليهم السلام استخلاف لهم في إجراء أحكامها من غير إخلال بشيء منها وفي إبهامها أولا ثم بيانها ثانيا بقوله تعالى «من كتاب الله» من تفخيمها وإجلالها ذاتا وإضافة وتأكيد إيجاب حفظها والعمل بما فيها ما لا يخفى وإيرادها بعنوان الكتاب للإيماء إلى إيجاب حفظها عن التغيير من جهة الكتابة والباء الداخلة على الموصول متعلقة بيحكم لكن لا على أنها صلة له كالتي في قوله تعالى بها ليلزم تعلق حرفي جر متحدي المعنى بفعل واحد بل على أنها سببية أي ويحكم الربانيون والأحبار أيضا بسبب ما حفظوه من كتاب الله حسبما وصاهم به أنبياؤهم وسألوهم أن يحفظوه وليس المراد بسببيته لحكمهم ذلك سببيته من حيث الذات بل من حيث كونه محظوظا فإن تعليق حكمهم بالموصول مشعر بسببية الحفظ المترتب لا محالة على ما في حيز الصلة من الاستحفاظ له وقيل الباء صلة لفعل مقدر معطوف على قوله تعالى يحكم بها النبيون عطف جملة على جملة أي ويحكم الربانيون والأحبار بحكم كتاب الله الذي سألهم أنبياؤهم أن يحفظوه من التغيير «وكانوا عليه شهداء» أي رقباء يحمونه من أن يحوم حوله التغيير والتبديل بوجه من الوجوه فتغيير الأسلوب لما ذكر من المزايا وقيل بما استحفظوا بدل من
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302