تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١٣٠
الذين يسمعون» تقرير لما مر من أن على قلوبهم أكنة مانعة من الفقه وفي آذانهم وقرا حاجزا من السماع وتحقيق لكونهم بذلك من قبيل الموتى لا يتصور منهم الإيمان البتة والاستجابة الإجابة المقارنة للقبول أي إنما يقبل دعوتك إلى الإيمان اللذين يسمعون ما يلقي إليهم سماع تفهم وتدبر جون الموتى الذين هؤلاء منهم كقوله تعالى إنك لا تسمع الموتى وقوله تعالى «والموتى يبعثهم الله» تمثيل لاختصاصه تعالى بالقدرة على توفيقهم للإيمان باختصاصه تعالى بالقدرة على بعث الموتى من القبور وقيل بيان لاستمرارهم على الكفر وعدم إقلاعهم عنه أصلا أن الموتى من القبور وقيل بيان مستعار للكفرة بناء على تشبيه جهلهم بموتهم أي وهؤلاء الكفرة يبعثهم الله تعالى من قبورهم «ثم إليه يرجعون» للجزاء فحينئذ يستجيبون وأما قبل ذلك فلا سبيل إليه وقرئ يرجعون على البناء للفاعل من رجع من رجوعا والمشهورة أو في بحق المقام لأنبائه عن كون مرجعهم إليه تعالى بطريق الاضطرار «وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه» حكاية لبعض آخر من أباطيلهم بعد حكاية ما قالوا في حق القرآن الكريم وبيان ما يتعلق به والقائلون رؤساء قريش وقيل الحرث بن عامر بن نوفل وأصحابه ولقد بلغت بهم الضلالة والطغيان إلى حيث لم يقتنعوا بما شاهدوا من البينات التي تخر لها صم الجبال حتى اجترءوا على ادعاء أنها ليست من قبيل الآيات وإنما هي ما اقترحوه من الخوارق الملجئة أو المعقبة للعذاب كما قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء الآية والتنزيل بمعنى الإنزال كما ينبئ عنه القراءة بالتخفيف فيما سيأتي وما يفيده التعرض لعنوان ربوبيته تعالى له عليه الصلاة والسلام من الإشعار بالعلية إنما هو بطريق التعريض بالتهكم من جهتهم وإطلاق الآية في قوله تعالى «قل إن الله قادر على أن ينزل آية» مع أن المراد بها ما هو من الخوارق المذكورة لا آية ما من الآيات لفساد المعنى مجاراة معهم على زعمهم ويجوز أن يراد بها آية موجبة لهلاكهم كإنزال ملائكة العذاب ونحوه على أن تنوينها للتفخيم والتهويل كما أن إظهار الاسم الجليل لتربية المهابة مع ما فيه من الإشعار بعلة القدرة الباهرة والاقتصار في الجواب على بيان قدرته تعالى على تنزيلها مع أنها ليست في حيز الإنكار للإيذان بأن عدم تنزيله تعالى إياها مع قدوته عليه لحكمة بالغة يجب معرفتها وهم عنها غافلون كما ينبئ عنه الاستدراك بقوله تعالى «ولكن أكثرهم لا يعلمون» أي ليسوا من أهل العلم على أن المفعول مطروح بالكلية أو لا يعلمون شيئا على أنه محذوف مدلول عليه بقرينة المقام والمعنى أنه تعالى قادر على أن ينزل آية من ذلك أو آية أي آية ولكن أكثرهم لا يعلمون فلا يدرون أن عدم تنزيلها مع ظهور قدرته عليه لما أفي تنزيلها قلعا لأساس التكليف المبني على قاعدة الاختيار أو استئصالا لهم بالكلية فيقترحونها جهلا ويتخذون عدم تنزيلها ذريعة إلى التكذيب وتخصيص عدم العلم بأكثرهم لما أن بعضهم واقفون على حقيقة
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302