الذين يسمعون» تقرير لما مر من أن على قلوبهم أكنة مانعة من الفقه وفي آذانهم وقرا حاجزا من السماع وتحقيق لكونهم بذلك من قبيل الموتى لا يتصور منهم الإيمان البتة والاستجابة الإجابة المقارنة للقبول أي إنما يقبل دعوتك إلى الإيمان اللذين يسمعون ما يلقي إليهم سماع تفهم وتدبر جون الموتى الذين هؤلاء منهم كقوله تعالى إنك لا تسمع الموتى وقوله تعالى «والموتى يبعثهم الله» تمثيل لاختصاصه تعالى بالقدرة على توفيقهم للإيمان باختصاصه تعالى بالقدرة على بعث الموتى من القبور وقيل بيان لاستمرارهم على الكفر وعدم إقلاعهم عنه أصلا أن الموتى من القبور وقيل بيان مستعار للكفرة بناء على تشبيه جهلهم بموتهم أي وهؤلاء الكفرة يبعثهم الله تعالى من قبورهم «ثم إليه يرجعون» للجزاء فحينئذ يستجيبون وأما قبل ذلك فلا سبيل إليه وقرئ يرجعون على البناء للفاعل من رجع من رجوعا والمشهورة أو في بحق المقام لأنبائه عن كون مرجعهم إليه تعالى بطريق الاضطرار «وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه» حكاية لبعض آخر من أباطيلهم بعد حكاية ما قالوا في حق القرآن الكريم وبيان ما يتعلق به والقائلون رؤساء قريش وقيل الحرث بن عامر بن نوفل وأصحابه ولقد بلغت بهم الضلالة والطغيان إلى حيث لم يقتنعوا بما شاهدوا من البينات التي تخر لها صم الجبال حتى اجترءوا على ادعاء أنها ليست من قبيل الآيات وإنما هي ما اقترحوه من الخوارق الملجئة أو المعقبة للعذاب كما قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء الآية والتنزيل بمعنى الإنزال كما ينبئ عنه القراءة بالتخفيف فيما سيأتي وما يفيده التعرض لعنوان ربوبيته تعالى له عليه الصلاة والسلام من الإشعار بالعلية إنما هو بطريق التعريض بالتهكم من جهتهم وإطلاق الآية في قوله تعالى «قل إن الله قادر على أن ينزل آية» مع أن المراد بها ما هو من الخوارق المذكورة لا آية ما من الآيات لفساد المعنى مجاراة معهم على زعمهم ويجوز أن يراد بها آية موجبة لهلاكهم كإنزال ملائكة العذاب ونحوه على أن تنوينها للتفخيم والتهويل كما أن إظهار الاسم الجليل لتربية المهابة مع ما فيه من الإشعار بعلة القدرة الباهرة والاقتصار في الجواب على بيان قدرته تعالى على تنزيلها مع أنها ليست في حيز الإنكار للإيذان بأن عدم تنزيله تعالى إياها مع قدوته عليه لحكمة بالغة يجب معرفتها وهم عنها غافلون كما ينبئ عنه الاستدراك بقوله تعالى «ولكن أكثرهم لا يعلمون» أي ليسوا من أهل العلم على أن المفعول مطروح بالكلية أو لا يعلمون شيئا على أنه محذوف مدلول عليه بقرينة المقام والمعنى أنه تعالى قادر على أن ينزل آية من ذلك أو آية أي آية ولكن أكثرهم لا يعلمون فلا يدرون أن عدم تنزيلها مع ظهور قدرته عليه لما أفي تنزيلها قلعا لأساس التكليف المبني على قاعدة الاختيار أو استئصالا لهم بالكلية فيقترحونها جهلا ويتخذون عدم تنزيلها ذريعة إلى التكذيب وتخصيص عدم العلم بأكثرهم لما أن بعضهم واقفون على حقيقة
(١٣٠)