تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٣ - الصفحة ١١٣
البشرية كضيف إبراهيم ولوط وخصم داود عليهم السلام وغير ذلك وحيث كان شأنهم كذلك وهم مؤيدون بالقوى القدسية فما ظنك بمن عداهم من العوام فلو شاهدوه كذلك لقضي امر هلاكهم بالكلية واستحال جعله نذيرا وهو مع كونه خلاف مطلوبهم مستلزم لإخلاء العالم عما عليه يدور نظام الدنيا والآخرة من إرسال الرسل وتأسيس الشرائع وقد قال سبحانه وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا وفيه كما ترى إيذان بأنهم في ذلك الاقتراح كالباحث عن حتفه بظلفه وأن عدم الإجابة إليه للبقيا عليهم وبناء الفعل الأول في الجواب للفاعل الذي هو نون العظمة مع كونه في السؤال مبنيا للمفعول لتهويل الأمر وتربية المهابة وبناء الثاني للمفعول للجري على سنن الكبرياء وكلمة ثم في قوله تعالى «ثم لا ينظرون» أي لا يمهلون بعد نزوله طرفة عين فضلا عن أن ينذروا به كما هو المقصود بالإنذار للتنبيه على تفاوت ما بين قضاء الأمر وعدم الإنظار فإن مفاجأة العذاب أشد من نفس العذاب وأشق وقيل في سبب إهلاكهم أنهم إذا عاينوا الملك قد نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورته وهي آية لا شيء أبين منها ثم لم يؤمنوا لم يكن بد من إهلاكهم وقيل أنهم إذا رأوه يزول الاختيار الذي هو قاعدة التكليف فيجب إهلاكهم وإلى الثاني بقوله تعالى «ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا» على أن الضمير الأول للنذير المفهوم من فحوى الكلام بمعونة المقام وإنما لم يجعل للملك المذكور قبله بأن يعكس ترتيب المفعولين ويقال لو جعلناه نذيرا لجعلناه رجلا مع فهم المراد منه أيضا لتحقيق أن مناط إبراز الجعل الأول في معرض الفرض والتقدير ومدار استلزامه للثاني إنما هو ملكية النذير لا نذيرية الملك وذلك لأن الجعل حقه أن يكون مفعوله الأول مبتدأ والثاني خبرا لكونه بمعنى التصيير المنقول من صار الداخل على المبتدأ والخبر ولا ريب في أن مصب الفائدة ومدار اللزوم بين الشرطية هو محمول المقدم لا موضوعه فحيث كانت امتناعية أريد بها بيان انتفاء الجعل الأول لاستلزامه المحذور الذي هو الجعل الثاني وجب أن يجعل مدار الاستلزام في الأول مفعولا ثانيا لا محالة ولذلك جعل مقابله في الجعل الثاني كذلك إبانة لكمال التنافي بينهما الموجب لانتفاء الملزوم والضمير الثاني للملك لا لما رجع إليه الأول والمعنى لو جعلنا النذير الذي اقترحوه ملكا لمثلنا ذلك الملك رجلا لما مر من عدم استطاعة الآحاد لمعاينة الملك على هيكله وفي إيثار رجلا على بشرا إيذان بأن الجعل بطريق التمثيل لا بطريق قلب الحقيقة وتعيين لما يقع به التمثيل وقوله تعالى «وللبسنا عليهم» عطف على جواب لو مبني على الجواب الأول وقرئ بحذف لام الجواب اكتفاء بما في المعطوف عليه يقال لبست الأمر على القوم ألبسه إذا شبهته وجعلته مشكلا وأصله الستر بالثوب وقرئ الفعلان بالتشديد للمبالغة أي ولخلطنا عليهم بتمثيله رجلا «ما يلبسون» على أنفسهم حينئذ بأن يقولوا له إنما أنت بشر ولست بملك ولو استدل على ملكيته بالقرآن المعجز الناطق بها أو بمعجزات أخر غير ملجئة إلى التصديق لكذبوه كما كذبوا النبي عليه الصلاة والسلام ولو أظهر لهم صورته الأصلية لزم الأمر الأول والتعبير عن تمثيله تعالى رجلا باللبس إما لكونه في سوء اللبس
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 5 - سورة المائدة قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 2
2 قوله تعالى: ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل. 14
3 قوله تعالى: واتل عليهم بناء بني آدم بالحق. 26
4 قوله تعالى: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر. 36
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. 47
6 قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. 60
7 (الجزء السابع) قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا. 71
8 قوله تعالى: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس. 82
9 قوله تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ما ذا أجبتم. 93
10 6 _ سورة الأنعام 104
11 قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. 116
12 قوله تعالى: إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله. 129
13 قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. 143
14 قوله تعالى: وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة. 151
15 قوله تعالى: إن الله فالق الحب والنوى. 164
16 (الجزء الثامن) قوله تعالى: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة. 174
17 قوله تعالى: لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون. 184
18 قوله تعالى: هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات. 191
19 قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا. 197
20 7 - سورة الأعراف قوله تعالى: المص. 209
21 قوله تعالى: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا. 224
22 قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين. 230
23 قوله تعالى: وإلى عاد أخاهم هودا و قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 237
24 (الجزء التاسع) قوله تعالى: قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنكما شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا. 248
25 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. 260
26 قوله تعالى: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة. 268
27 قوله تعالى: واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة و في الآخرة إنا هدنا إليك. 278
28 قوله تعالى: وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة و ظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه. 289
29 قوله تعالى: هو الذي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها ليسكن إليها. 302