تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٣٦
«وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله» جملة مستأنفة سيقت لبيان أن أهل الكتاب ليس كلهم كمن حكيت هناتهم من نبذ الميثاق وتحريف الكتاب وغير ذلك بل منهم من له مناقب جليلة قيل هم عبد الله ابن سلام وأصحابه وقيل هم أربعون من أهل نجران واثنان وثلاثون من الحبشة وثمانية من الروم كانوا نصارى فأسلموا وقيل المراد به أصحمه النجاشي فإنه لما مات نعاه جبريل إلى النبي عليه السلام فقال عليه السلام اخرجوا فصلوا على أخ لكم مات بغير أرضكم فخرج إلى البقيع فنظر إلى ارض الحبشة فأبصر سرير النجاشي وصلى عليه واستغفر له فقال المنافقون انظروا إلى هذا يصلي على علج نصراني لم يره قط وليس على دينه فنزلت وإنما دخلت لام الابتداء على اسم إن لفصل الظرف بينهما كما في قوله تعالى وإن منكم لمن ليبطئن «وما أنزل إليكم» من القرآن «وما أنزل إليهم» من الكتابين وتأخير إيمانهم بهما عن إيمانهم بالقرآن في الذكر مع أن الأمر بالعكس في الوجود لما انه عيار ومهيمن عليهما فإن إيمانهم بهما إنما يعتبر بتبعية إيمانهم به إذ لا عبرة بأحكامهما المنسوخة وما لم ينسخ منها إنما يعتبر من حيث ثبوته بالقرآن ولتعلق ما بعده بهما والمراد بإيمانهم بهما إيمانهم بهما من غير تحريف ولا كتم كما هو ديدن المحرفين وأتباعهم من العامة «خاشعين لله» حال من فاعل يؤمن والجمع باعتبار المعنى «لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا» تصريح بمخالفتهم للمحرفين والجملة حال كما قبله ونظمها في سلك محاسنهم ليس من حيث عدم الإشتراء فقط بل لتضمن ذلك لإظهار ما في الكتابين من شواهد نبوته عليه السلام «أولئك» إشارة إليهم من حيث اتصافهم بما عد من صفاتهم الحميدة وما فيه من معنى البعد للدلالة على علو رتبتهم وبعد منزلتهم في الشرف والفضيلة وهو مبتدأ خبره قوله تعالى «لهم» وقوله «أجرهم» أي المختص بهم الموعود لهم بقوله تعالى «أولئك يؤتون أجرهم مرتين» وقوله تعالى «يؤتكم كفلين من رحمته» مرتفع بالظرف على الفاعلية أو على الابتداء والظرف خبره والجلة خبره لأولئك وقوله تعالى «عند ربهم» نصب على الحالية من أجرهم والمراد به التشريف كالصفة «إن الله سريع الحساب» لنفوذ علمه بجميع الأشياء فهو عالم بما يستحقه كل عامل من الأجر من غير حاجة إلى تأمل والمراد بيان سرعة وصول الأجر الموعود إليهم «يا أيها الذين آمنوا» إثر ما بين في تضاعيف السورة الكريمة فنون الحكم والأحكام ختمت بما يوجب المحافظة عليها فقيل «اصبروا» أي على مشاق الطاعات وغير ذلك من المكاره والشدائد «وصابروا» أي غالبوا أعداء الله تعالى بالصبر في مواطن الحروب وأعدى عدوكم بالصبر على مخالفة الهوى وتخصيص المصابرة بالأمر بعد الأمر بمطلق الصبر لكونها أشد منه وأشق «ورابطوا» أي أقيموا في الثغور رابطين خيلكم فيها مترصدين للغزو مستعدين له قال تعالى «ومن رباط
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254