تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٢٤٧
«إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار» وهو الطبقة التي في قعر جهنم وإنما كان كذلك لأنهم أخبث الكفرة حيث ضموا إلى الكفر الاستهزاء بالإسلام وأهله وخداعهم وأما قوله صلى الله عليه وسلم ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم انه مسلم من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان ونحوه فمن باب التشديد والتهديد والتغليظ مبالغة في الزجر وتسمية طبقاتها السبع دركات لكونها متداركة متتابعة بعضها تحت بعض وقرئ بفتح الراء وهو لغة كالسطر والسطر ويعضده أن جمعه أدراك «ولن تجد لهم نصيرا» يخلصهم منه والخطاب كما سبق «إلا الذين تابوا» أي عن النفاق وهو استثناء من المنافقين بل من ضميرهم في الخبر «وأصلحوا» ما أفسدوا من أحوالهم في حال النفاق «واعتصموا بالله» أي وثقوا به وتمسكوا بدينه «وأخلصوا دينهم» أي جعلوه خالصا «لله» لا يبتغون بطاعتهم إلا وجهه «فأولئك» إشارة إلى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيز الصلة وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد المنزلة وعلو الطبقة «مع المؤمنين» أي المؤمنين المعهودين الذين لم يصدر عنهم نفاق أصلا منذ آمنوا وإلا فهم أيضا مؤمنون أي معهم في الدرجات العالية من الجنة وقد بين ذلك بقوله تعالى «وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما» لا يقادر قدره فيساهمونهم فيه «ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم» استئناف مسوق لبيان أن مدار تعذيبهم وجودا وعدما إنما هو كفرهم لا شئ آخر فيكون مقررا لما قبله من إثابتهم عن توبتهم وما استفهامية مفيدة للنفي على أبلغ وجه وآكده اى أي شئ يفعل الله سبحانه بتعذيبكم أيتشفى به من الغيظ أم يدرك به الثأر أم يستجلب به نفعا أم يستدفع به ضررا كما هو شان الملوك وهو الغنى المتعالى عن أمثال ذلك وإنما هو أمر يقتضيه كفركم فإذا زال ذلك بالإيمان والشكر انتفى التعذيب لا محالة وتقديم الشكر على الإيمان لما أنه طريق موصل إليه فإن النظر يدرك أولا ما عليه من النعم الأنفسية والآفاقية فيشكر شكرا مبهما ثم يترقى إلى معرفة المنعم فيؤمن به وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه «وكان الله شاكرا» الشكر من الله سبحانه هو الرضا باليسير من طاعة عباده وإضعاف الثواب بمقابلته «عليما» مبالغا في العلم بجميع المعلومات التي من جملتها شكركم وإيمانكم فيستحيل أن لا يوفيكم أجوركم «لا يحب الله الجهر بالسوء من القول» عدم محبته تعالى لشيء كناية عن سخطه والباء متعلقة بالجهر 148 ومن بمحذوف وقع حالا من السوء أي لا يحب الله تعالى أن يجهر أحد بالسوء كائنا من القول «إلا من
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254