تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٧٥
الأمر على التقدير المسكوت عنه اعني عدم الإطاعة المؤدى إلى المخاصمة والمرافعة إليهم والشقاق المخالفة إما لأن كلا منهما يريد ما يشق على الآخر وإما لأن كلا منهما في شق أي جانب غير شق الآخر والخوف ههنا بمعنى العلم قاله ابن عباس والجزم بوجود الشقاق لا ينافي بعث الحكمين لأنه لرجاء إزالته لا لتعرف وجوده بالفعل وقيل بمعنى الظن وضمير الثنية للزوجين وإن لم يجر لهما ذكر لجرى ما يدل عليها وإضافة الشقاق إلى الظرف إما على إجرائه مجرى المفعول به كما في قوله * يا سارق الليلة * أو مجرى الفاعل كما في قولك نهاره صائم أي إن علمتم أو ظننتم تأكد المخالفة بحيث لا يقدر الزوج على إزالتها «فابعثوا» أي إلى الزوجين لإصلاح ذات البين «حكما» رجلا وسطا صالحا للحكومة والإصلاح «من أهله» من أهل الزوج «وحكما» آخر على صفة الأول «من أهلها» فإن الأقارب أعرف ببواطن الأحوال وأطلب للصلاح وهذا على وجه الاستحباب فلو نصبا من الأجانب جاز واختلف في أنهما هل يليان الجمع والتفريق إن رأيا ذلك فقيل لهما ذلك وهو المروى عن على رضى الله عنه وبه قال الشعبي وعن الحسن يجمعان ولا يفرقان وقال مالك لهما أن يتخالعا إن كان الصلاح فيه «إن يريدا» أي الحكمان «إصلاحا» أي إن قصدا إصلاح ذات البين وكانت نيتهما صحيحة وقلوبهما ناصحة لوجه الله تعالى «يوفق الله بينهما» يوقع بين الزوجين الموافقة والألفة وألقى في نفوسهما المودة والرأفة وعدم التعرض لذكر عدم إرادتهما الإصلاح لما ذكر من الإيذان بان ذلك ليس مما ينبغي أن يفرض صدوره عنهما وأن الذي يليق بشأنهما ويتوقع صدوره عنهما هو إرادة الإصلاح وفيه مزيد ترغيب للحكمين في الإصلاح وتحذير عن المساهلة كيلا ينسب اختلال الأمر إلى عدم إرادتهما فإن الشرطية الناطقة بدور أن وجود التوفيق على وجود الإرادة منبئة عن دوران عدمه على عدمها وقيل كلا الضميرين للحكمين أي إن قصد الإصلاح يوفق الله بينهما فتتفق كلمتهما ويحصل مقصودهما وقيل كلاهما للزوجين أي إن أرادا إصلاح ما بينهما من الشقاق أوقع الله تعالى بينهما الألفة والوفاق وفيه تنبيه على ان من أصلح نيته فيما يتوخاه وفقه الله لمبتغاه «إن الله كان عليما خبيرا» بالظواهر والبواطن فيعلم كيف يرفع الشقاق ويوقع الوفاق «واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا» كلام مبتدأ مسوق لبيان الأحكام المتعلقة بحقوق الوالدين والأقارب ونحوهم أثر بيان الأحكام المتعلقة بحقوق الأزواج صدر بما يتعلق بحقوق الله عز وجل التي هي آكد الحقوق وأعظمهما تنبيها على جلالة شأن حقوق الوالدين بنظمها في سلكها كما في سائر المواقع وشيئا نصب على أنه مفعول أي لا تشركوا به شيئا من الأشياء صنما أو غيره أو على أنه مصدر أي لا تشركوا به شيئا من الإشراك جليا أو خفيا «وبالوالدين إحسانا» أي أحسنوا بهما إحسانا
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254