تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٢٠١
بينكم وبينه مودة» اعتراض وسط بين الفعل ومفعوله الذي هو «يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما» لئلا يفهم من مطلع كلامه ان تمنيه لمعية المؤمنين لنصرتهم ومظاهرتهم حسبما يقتضيه ما في البين من المودة بل هو للحرص على المال كما ينطق به آخره وليس إثبات المودة في البين بطريق التحقيق بل بطريق التهكم وقيل الجملة التشبيهية حال من ضمير ليقولن أي ليقولن مشبها بمن لا مودة بينكم وبينه وقيل هي داخلة في المقول أي ليقولن المثبط من المنافقين وضعفه المؤمنين كأن لم تكن بينكم وبين محمد مودة حيث لم يستصحبكم في الغزو حتى تفوزوا بما فاز يا ليتني كنت معهم وغرضه إلقاء العدواة بينهم وبينه عليه الصلاة والسلام وتأكيدها وكأن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشان وهو محذوف وقرئ لم يكن بالياء والمنادى في يا ليتني محذوف أي يا قوم قيا يا أطلق للتنبيه على الاتساع وقوله تعالى فأفوز نصب على جواب التمني وقرئ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي فأنا أفوز في ذلك الوقت أو على أنه معطوف على كنت داخل معه تحت التمني «فليقاتل في سبيل الله» قدم الظرف على الفاعل للاهتمام به «الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة» أي يبيعونها بها وهم المؤمنون فالفاء جواب شرط مقدر أي إن بطأ هؤلاء عن القتال فليقاتل المخلصون الباذلون أنفسهم في طلب الآخرة أو الذين يشترونها ويختارونها على الآخرة وهم المبطئون فالفاء للتعقيب أي ليتركوا ما كانوا عليه من التثبيط والنفاق وليعقبوه بالقتال في سبيل الله «ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه» بنون العظمة التفاتا «أجرا عظيما» لا يقادر قدرة وتعقيب القتال بأحد الأمرين للإشعار بأن المجاهد حقه أن يوطن نفسه بإحدى الحسنيين ولا يخطر بباله القسم الثالث أصلا وتقديم القتل للإيذان بتقدمه في استتباع الأجر روى أبو هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تكفل الله تعالى لمن جاهد في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيله وتصديق كلمته أن يدخله الجنة أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر وغنيمة «وما لكم» خطاب للمأمورين بالقتال على طريقة الالتفات مبالغة في التحريض عليه وتأكيدا لوجوبه وهو مبتدأ وخبر وقوله عز وجل «لا تقاتلون في سبيل الله» حال عاملها ما في الظرف من معنى الفعل والاستفهام للإنكار والنفي أي أي شئ لكم غير مقاتلين أي لا عذر لكم في ترك المقاتلة «والمستضعفين» عطف على اسم الله أي في سبيل المستضعفين وهو تخليصهم من الأسر وصونهم عن العدو أو على السبيل بحذف المضاف أي في
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254