وقرئ تسألون من الثلاثي أي تسألون به غيركم وقد فسر به القراءة الأولى والثانية وحمل صيغة التفاعل على اعتبار الجمع كما في قولك رأيت الهلال وتراءيناه وبه فسر عم يتساءلون على وجه وقرئ تسلون بنقل حركة الهمزة إلى السين «والأرحام» بالنصب عطفا على محل الجار والمجرور كقولك مررت بزيد وعمرا وينصره قراءة تساءلون به وبالأرحام فإنهم كانوا يقرنونها في السؤال والمناشدة بالله عز وجل ويقولون أسالك بالله وبالرحم أو عطفا على الاسم الجليل أي اتقوا الله والأرحام وصلوها ولا تقطعوها فإن قطيعتها مما يجب أن يتقى وهو قول مجاهد وقتادة والسدي والضحاك والفراء والزجاج وقد جوز الواحدي نصبه على الإغراء أي والزموا الأرحام وصلوها وقرئ بالجر عطفا على الضمير المجرور بالرفع على أنه مبتدأ محذوف الخبر تقديره والأرحام كذلك أي مما يتقى أو يتساءل به ولقد نبه سبحانه وتعالى حيث قرنها باسمه الجليل على أن صلتها بمكان منه كما في قوله تعالى «ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا» وعنه عليه السلام الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعة الله «إن الله كان عليكم رقيبا» أي مراقبا وهي صيغة مبالغة من رقب يرقب رقبا إذا أحد النظر لأمر يريد تحقيقه أي حافظا مطلعا على جميع ما يصدر عنكم من الأفعال والأقوال وعلى ما في ضمائركم من النيات مريدا لمجازاتكم بذلك وهو تعليل للأمر ووجوب الامتثال به وإظهار الاسم الجليل لتأكيده وتقديم الجار والمجرور لرعاية الفواصل «وآتوا اليتامى أموالهم» شروع في تفصيل موارد الاتقاء ومظانه بتكليف ما يقابلها أمرا ونهيا عقيب الأمر ينفسه مرة بعد أخرى وتقديم ما يتعلق باليتامى لإظهار كمال العناية بأمرهم ولملابستهم بالأرحام إذ الخطاب للأولياء والأوصياء وقلما تفوض الوصاية إلى الأجانب واليتيم من مات أبوه من اليتم وهو الانفراد ومنه الدرة اليتيمة وجمعه على يتامى إما لأنه لما جرى مجرى السماء جمع على يتأتم ثم قلب فقيل يتامى أو لأنه لما كان من وادى الآفات جمع على يتمى ثم جمع يتمى على يتامى والاشتقاق يقتضى صحة إطلاقه على الكبار أيضا واختصاصه بالصغار مبنى على العرف وأما قوله عليه السلام لا يتم بعد الحلم فتعليم للشريعة لا تعيين لمعنى اللفظ أي لا يجرى على اليتيم بعده حكم الأيتام والمراد بإيتاء أموالهم قطع المخاطبين أطماعهم الفارغة عنها وكف أكفهم الخاطفة عن اختزالها وتركها على حالها غير متعرض لها بسوء حتى تأتيهم وتصل إليهم سالمة كما ينبئ عنه ما بعده من النهى عن التبدل والأكل لا الإعطاء بالفعل فإنه مشروط بالبلوغ وإيناس الرشد على ما ينطق به قوله تعالى «حتى إذا بلغوا» الآية وإنما عبر عما ذكر بالإيتاء مجازا للإيذان بأنه ينبغي ان يكون مرادهم بذلك إيصالها إليهم لا مجرد ترك التعرض لها فالمراد بهم إما الصغار على ما هو المتبادر والأمر خاص بمن يتولى أمرهم من الأولياء والأوصياء وشمول حكمة لأولياء من كان بالغا عند نزول الآية بطريق الدلالة دون العبارة وإما من جرى عليه اليتم في الجملة مجازا أعم من
(١٣٩)