تعالى امرأة الأب والجمع بين الأختين وروى هشام بن عبد الله عن محمد بن الحسن أنه قال كان أهل الجاهلية يعرفون هذه المحرمات إلا اثنتين نكاح امرأة الأب والجمع بين الأختين ألا يرى أنه قد عقب النهى عن كل منهما بقوله تعالى إلا ما قد سلف وهذا يشير إلى كون الاستثناء فيهما على سنن واحد ويأباه اختلاف التعليلين «والمحصنات» بفتح الصاد وهن ذوات الأزواج أحصنهن التزوج أو الأزواج أو الأولياء أعفهن عن الوقوع في الحرام وقرئ على صيغة اسم الفاعل فإنهن أحصن فروجهن عن غير أزواجهن أو أحصن أزواجهن وقيل الصيغة للفاعل على القراءة الأولى أيضا وفتح الصاد محمول على الشذوذ كما في نظيريه ملقح ومسهب من القح وأسهب قيل ورد الإحصان في القرآن بإزاء أربعة معان الأول التزوج كما في هذه الآية الكريمة الثاني العفة كما في قوله تعالى محصنين غير مسافحين الثالث الحرية كما في قوله تعالى ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات والرابع الإسلام كما في قوله تعالى فإذا أحصن قيل في تفسيره أي أسلمن وهي معطوفة على المحرمات السابقة وقوله تعالى «من النساء» متعلق بمحذوف وقع حالا منها أي كائنات من النساء وفائدته تأكيد عمومها لا دفع توهم شمولها للرجال بناء على كونها صفة للأنفس كما توهم «إلا ما ملكت أيمانكم» استثناء من المحصنات استثناء النوع من الجنس أي ملكتموه وإسناد الملك إلى الإيمان لما أن سببه الغالب هو الصفة الواقعة بها وقد أشتهر ذلك في الأرقاء لا سيما في إناثهم وهن المرادات ههنا رعاية للمقابلة بينه وبين ملك النكاح الوارد على الحرائر والتعبير عنهن بما لإسقاطهن بما فيهن من قصور الرق عن رتبة العقلاء وهي إما عامة حسب عموم صلتها فالاستثناء حينئذ ليس لإخراج جميع أفرادها من حكم التحريم بطريق شمول النفي بل بطريق نفى الشمول المستلزم لإخراج بعضها أي حرمت عليكم المحصنات على الإطلاق إلا المحصنات اللآتى ملكتموهن فإنهن لسن من المحرمات على الإطلاق بل فيهن من لا يحرم نكاحهن في الجملة وهن المسببات بغير أزواجهن أو مطلقا حسب اختلاف الرأيين وإما خاصة بالمذكورات فالمعنى حرمت عليكم المحصنات إلا اللآتى سبين فإن نكاحهن مشروع في الجملة أي لغير ملاكهن وأما حلهن لهم بحكم ملك اليمين فمفهوم بدلالة النص لاتحاد المناط لا بعبارته لما عرفت من أن مساق النظم الكريم لبيان حرمة التمتع بالمحرمات المعدودة بحكم ملك النكاح وإنما ثبوت حرمة التمتع بهن بحكم ملك اليمن بطريق دلالة النص وذلك مما لا يجرى فيه الاستثناء قطعا وأما عدهن من ذوات الأزواج مع تحقق الفرقة بينهن وبين أزواجهن قطعا بالتباين أو بالسبى على اختلاف الرأيين فمبنى على اعتقاد الناس حيث كانوا حينئذ غافلين عن الفرقة ألا يرى إلى ما روى عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه من أنه قال أصبنا يوم أوطاس سبايا لهن أزواج فكرهنا أن تقع عليهن فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم وفي رواية عنه قلنا يا رسول الله كيف نقع على
(١٦٣)