تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٢٢٤
إشارة إلى المستضعفين الموصوفين بما ذكر من صفات العجز «عسى الله أن يعفو عنهم» جئ بكلمة الإطماع ولفظ العفو إيذانا بأن الهجرة من تأكد الوجوب بحيث ينبغي أن يعد تركها ممن تحقق عدم وجوبها عليه ذنبا يجب طلب العفو رجاء وطمعا لا جزما وقطعا «وكان الله عفوا غفورا» تذييل مقرر لما قبله «ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا» ترغيب في المهاجرة وتأنيس لها أي يجد فيها متحولا ومهاجرا وإنما عبر عنه بذلك تأكيد للترغيب لما فيه من الإشعار بكون ذلك المتجول بحيث يصل فيه المهاجر من الخير والنعمة إلى ما يكون سببا لرغم آنف قومه الذين هاجروهم والرغم الذل والهوان وأصله لصوق الآنف بالرغام وهو التراب وقيل يجد فيها طريقا يراغم بسلوكه قومه أي يفارقهم على رغم أنوفهم «وسعة» أي من الرزق «ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت» أي قبل أن يصل إلى المقصد وإن كان ذلك خارج بابه كما ينبئ عنه إيثار الخروج من بيته على المهاجرة وهو عطف على فعل الشرط وقرئ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف وقيل هو حركة الهاء نقلت إلى الكاف على نية الوقف كما في قوله * من عنزى سبني لم أضربه * عجيب والدهر كثير عجبه وقرى بالنصب على إضمار أن كما في قوله وألحق بالحجاز فأستريحا «فقد وقع أجره على الله» أي ثبت ذلك عنده تعالى ثبوت الأمر الواجب روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث بالآيات المتقدمة إلى مسلمى مكة قال جندب بن ضمرة لبنيه وكان شيخا كبيرا احملونى فإني لست من المستضعفين وإني لأهتدى الطريق والله لا أبيت الليلة بمكة فحملوه على سرير متوجها إلى المدينة فلما بلغ التنعيم أشرف على الموت فصفق بيمينه على شماله ثم قال اللهم هذه لك وهذه لرسولك أبايعك على ما بايعك رسولك فمات حميدا فبلغ خبره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا لو توفى بالمدينة لكان أتم أجرا فنزلت قالوا كل هجرة في غرض ديني من طلب علم أو حج أو جهاد أو نحو ذلك فهي هجرة إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم «وكان الله غفورا» مبالغا في المغفرة فيغفر له ما فرط منه من الذنوب التي من جملتها القعود عن الهجرة إلى وقت الخروج «رحيما» مبالغا في الرحمة فيرحمه بإكمال ثواب هجرته «وإذا ضربتم في الأرض» شروع في بيان كيفية الصلاة عند الضرورات من السفر ولقاء العدو والمرض والمطر وفيه تأكيد لعزيمة المهاجر على المهاجرة وترغيب له فيها لما فيه من تخفيف المؤنة أي إذا سافرتم أي مسافرة كانت ولذلك لم يقيد بما قيد به المهاجرة «فليس عليكم جناح» أي حرج أو اثم «أن تقصروا» أي في أن تقصروا والقصر خلاف المد يقال قصرت الشئ اى جعلته قصيرا بحذف بعض أجزائه أو أوصافه فمتعلق القصر حقيقة إنما هو ذلك الشئ لا بعضه فإنه متعلق الحذف دون القصر وعلى هذا فقوله تعالى
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254