تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٧٢
على الشرطية وثم للتراخي في الرتبة أي لا ينصرون من جهة أحد ولا يمنعون منكم قتلا وأخذا وفيه تثبيت لمن آمن منهم فإنهم كانوا يؤذونهم بالتلهي بهم وتوبيخهم وتضليلهم وتهديدهم وبشارة لهم بأنهم لا يقدرون على أن يتجاوزوا الأذى بالقول إلى ضرر يعبأ به مع أنه وعدهم الغلبة عليهم والانتقام منهم وأن عاقبة أمرهم الخذلان والذل وانما لم يعطف نفي منصوريتهم على الجزاء لأن المقصود هو الوعد بنفي النصر مطلقا ولو عطف عليه لكان مقيدا بمقاتلتهم كتولية الأدبار وكم بين الوعدين كأنه قيل ثم شأنهم الذي أخبركم عنه وأبشركم به أنهم مخذولون منتف عنهم النصر والقوة لا ينهضون بعد ذلك بجناح ولا يقومون على ساق ولا يستقيم لهم أمر وكان كذلك حيث لقى بنو قريظة والنضير وبنو قينقاع ويهود خيبر ما لقوا «ضربت عليهم الذلة» أي هدر النفس والمال والأهل أو ذل التمسك بالباطل «أينما ثقفوا» أي وجدوا «إلا بحبل من الله وحبل من الناس» استثناء من أعم الأحوال أي ضربت عليهم الذلة ضرب القبة على من هي عليه في جميع الأحوال الا حال كونهم معتصمين بذمة الله أو كتابه الذي أتاهم وذمة المسلمين أو بذمة الاسلام واتباع سبيل المؤمنين «وباؤوا بغضب من الله» أي رجعوا مستوجبين له والتنكير للتفخيم والتهويل ومن متعلقة بمحذوف وقع صفة لغضب مؤكدة لما أفاده التنكير من الفخامة والهول أي كائن من الله عز وجل «وضربت عليهم المسكنة» فهي محيطة بهم من جميع جوانبهم واليهود كذلك في غالب الحال مساكين تحت أيدي المسلمين والنصارى «ذلك» إشارة إلى ما ذكر من ضرب الذلة والمسكنة عليهم والبوء بالغضب العظيم «بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله» أي ذلك الذي ذكر كائن بسبب كفرهم المستمر بآيات الله الناطقة بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وتحريفهم لها وبسائر الآيات القرآنية «ويقتلون الأنبياء بغير حق» أي في اعتقادهم أيضا واسناد القتل مع أنه فعل اسلافهم لرضاهم به كما أن التحريف مع كونه من افعال أحبارهم ينسب إلى كل من يسير بسيرتهم «ذلك» إشارة إلى ما ذكر من الكفر والقتل «بما عصوا وكانوا يعتدون» أي كائن بسبب عصيانهم واعتدائهم حدود الله تعالى على الاستمرار فإن الاصرار على الصغائر يفضي إلى مباشرة الكبائر والاستمرار عليها يؤدي إلى الكفر وقيل معناه أن ضرب الذلة والمسكنة في الدنيا واستيجاب الغضب في الآخرة كما هو معلل بكفرهم وقتلهم فهو مسبب عن عصيانهم واعتدائهم من حيث أنهم مخاطبون بالفروع من حيث المؤاخذة «ليسوا سواء» جملة مستأنفة سيقت تمهيدا لتعداد محاسن مؤمني أهل الكتاب وتذكيرا لقوله تعالى «منهم المؤمنون» والضمير في ليسوا لأهل الكتاب جميعا لا للفاسقين منهم خاصة وهو اسم ليس وخبره سواء وانما أفرد لأنه في الأصل مصدر
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254