تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٢٥٤
فعلى تقديره وأعني المقيمين الصلاة على أن الجملة معترضة بين المبتدأ والخبر وقيل هو عطف على ما أزل إليك على أن المراد بهم الأنبياء عليهم السلام أي يؤمنون بالكتب وبالأنبياء أو الملائكة قال مكي أي ويؤمنون بالملائكة الذين صفتهم إقامة الصلاة لقوله تعالى يسبحون الليل والنهار لا يفترون وقيل عطف على الكاف في إليك أي يؤمنون بما أنزل إليه وإلى المقيمين الصلاة وقرئ بالرفع على أنه معطوف على المؤمنون بناء على ما مر من تنزيل التغاير العنواني في منزلة التغاير الذاتي وكذا الحال فيما سيأتي من المعطوفين فإن قوله تعالى «والمؤتون الزكاة» عطف على المؤمنون مع اتحاد الكل ذاتا وكذا الكلام في قوله تعالى «والمؤمنون بالله واليوم الآخر» فإن المراد بالكل مؤمنو أهل الكتاب قد وصفوا أولا بكونهم راسخين في علم الكتاب إيذانا بأن ذلك موجب للإيمان حتما وأن من عداهم إنما بقوا مصرين على الكفر لعدم رسوخهم فيه ثم بكونهم مؤمنين بجميع الكتب المنزلة على الأنبياء ثم بكونهم عاملين بما فيها من الشرائع والاحكام واكتفى من بينها بذكر إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة المستتبعين لسائر العبادات البدنية والمالية ثم بكونهم مؤمنين بالمبدأ والمعاد تحقيقا لحيازتهم الإيمان بقطريه وإحاطتهم به من طرفيه وتعريضا بأن من عداهم من أهل الكتاب ليسوا بمؤمنين بواحد منهما حقيقة فإنهم بقولهم عزير ابن الله مشركون بالله سبحانه وبقولهم لن تمسنا النار إلا أياما معدودة كافرون باليوم الآخر وقوله تعالى «أولئك» إشارة إليهم باعتبار اتصافهم بما عدد من الصفات الجميلة وما فيه من معنى البعد للإشعار بعلو درجتهم وبعد منزلتهم في الفضل وهو مبتدأ وقوله تعالى «سنؤتيهم أجرا عظيما» خبره والجملة خبر للمبتدأ الذي هو الراسخون وما عطف عليه والسين لتأكيد الوعد وتنكير الأجر للتفخيم وهذا أنسب بتجاوب طرفي الاستدراك حيث أوعد الأولون بالعذاب الأليم ووعد الآخرون بالأجر العظيم كأنه قيل أثر قوله تعالى وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما لكن المؤمنون منهم سنؤتيهم أجرا عظيما وأما ما اجتح إليه الجمهور من جعل قوله تعالى يؤمنون بما أنزل إليك الخ خبرا للمبتدأ ففي كمال السداد خلا أنه غير معترض لتقابل الطرفين وقرئ سيؤتيهم بالياء مراعاة لظاهر قوله تعالى والمؤمنون بالله «إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده» جواب لأهل الكتاب عن سؤالهم رسول الله عليه الصلاة والسلام أن ينزل عليهم كتابا من السماء واحتجاج عليهم بأنه ليس بدعا من الرسل وإنما شأنه في حقيقة الإرسال وأصل الوحي كشأن سائر مشاهير الأنبياء الذين لا ريب لأحد في نبوتهم والكاف في محل النصب على أنه نعب لمصدر محذوف أي إيحاء مثل إيحائنا إلى نوح أو على أنه
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254