تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ٨٥
بالتحرز عن متابعتهم وتعاطي ما يتعاطونه كان أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول هي أخوف آية في القرآن حيث أوعد الله المؤمنين بالنار المعدة للكافرين إن لم يتقوه في اجتناب محارمه «وأطيعوا الله» في كل ما أمركم به ونهاكم عنه «والرسول» الذي يبلغكم أوامره ونواهيه «لعلكم ترحمون» راجين لرحمته عقب الوعيد بالوعد ترهيبا عن المخالفة وترغيبا في الطاعة وإيراد لعل في الموضعين للإشعار بعزة منال الفلاح والرحمة قال محمد بن اسحق هذه الآية معاتبة للذين عصوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين امرهم بما امرهم يوم أحد «وسارعوا» عطف على أطيعوا وقرئ بغير واو على وجه الاستئناف أي بادروا وأقبلوا وقرئ سابقوا «إلى مغفرة من ربكم وجنة» أي إلى ما يؤدي إليهما وقيل إلى الإسلام وقيل إلى التوبة وقيل إلى الإخلاص وقيل إلى الجهاد وقيل إلى أداء جميع الواجبات وترك جميع المنهيات فيدخل فيها ما مر من الأمور المأمور بها والمنهي عنها دخولا أوليا وتقديم المغفرة على الجنة لما ان التخلية متقدمة على التحلية ومن متعلقة بمحذوف وقع صفة لمغفرة أي كائنة من ربكم والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضمير المخاطبين لإظهار مزيد اللطف بهم وقوله تعالى «عرضها السماوات والأرض» أي كعرضهما صفة لجنة وتخصيص العرض بالذكر للمبالغة في وصفها بالسعة والبسطة على طريقة التمثيل فإن العرض في العادة أدنى من الطول وعن ابن عباس رضي الله عنهما كسبع سماوات وسبع أرضين لو وصل بعضها ببعض «أعدت للمتقين» في حيز الجر على انه صفة أخرى لجنة أو في محل النصب على الحالية منها لتخصصها بالصفة أي هيئت لهم وفيه دليل على ان الجنة مخلوقة الآن وانها خارجة عن هذا العالم «الذين ينفقون» في محل الجر على انه نعت للمتقين مادح لهم أو بدل منه أو بيان أو في حيز النصب أو الرفع على المدح ومفعول ينفقون محذوف ليتناول كل ما يصلح للإنفاق أو متروك بالكلية كما في قولك يعطي ويمنع «في السراء والضراء» في حالتي الرخاء والشدة واليسر والعسر أو في الأحوال كلها إذ الإنسان لا يخلو عن مسرة أو مضرة أي لا يخلون في حال ما بإنفاق ما قدروا عليه من قليل أو كثير «والكاظمين الغيظ» عطف على الموصول والعدول إلى صيغة الفاعل للدلالة على الاستمرار واما الإنفاق فحيث كان أمرا متجددا عبر عنه بما يفيد الحدوث والتجدد والكظم الحبس يقال كظم غيظه أي حبسه قال المبرد تأويله أنه كتمه على امتلائه منه يقال كظمت السقاء إذا ملأته وشددت عليه أي الممسكين عليه الكافين عن إمضائه مع القدرة عليه وعن النبي صلى الله عليه وسلم من كظم غيظا وهو قادر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا «والعافين عن الناس»
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254