تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٢٧
إلى عدم نجاتهم من مطلق العذاب حقق ان لهم فردا منه لا غاية له في المدة والشدة كما تلوح به الجملة الاسمية والتنكير التفخيمى والوصف «ولله» أي خاصة «ملك السماوات والأرض» أي السلطان القاهر فيهما بحيث يتصرف فيهما وفيما فيهما كيفما يشاء ويريد إيجادا وإعداما إحياء وإماته تعذيبا وإثابة من غير أن يكون لغيره شائبة دخل في شئ من ذلك بوجه من الوجوه فالجملة مقررة لما قبلها وقوله تعالى «والله على كل شيء قدير» تقرير لاختصاص ملك العالم الجثماني المعبر عنه بقطرية به سبحانه وتعالى فإن كونه تعالى قادرا على الكل بحيث لا يشذ من ملكوته شئ من الأشياء يستدعى كون ما سواه كائنا ما كان مقدورا له ومن ضرورته اختصاص القدرة به تعالى واستحالة أن يشاركه شئ من الأشياء في القدرة على شئ من الأشياء فضلا عن المشاركة في ملك السماوات والأرض وفيه تقريره لما مر من ثبوت العذاب الأليم لهم وعدم نجاتهم منه أثر تقرير وإظهار الاسم الجليل في موقع الإضمار لتربية المهابة والإشعار بمناط الحكم فإن شمول القدرة لجميع الأشياء من أحكام الألولهية مع ما فيه من الإشعار باستقلال كل من الجملتين بالتقرير «إن في خلق السماوات» جملة مستأنفة سيقت لتقرير ما سبق من اختصاصه تعالى بالسلطان القاهر والقدرة التامة صدرت بكلمة التأكيد اعتناء بتحقيق مضمونها أي في إنشائها على ما هي عليه في ذواتها وصفاتها من الأمور التي يحار في فهم أجلاها العقول «والأرض» على ما هي عليه ذاتا وصفة «واختلاف الليل والنهار» أي في تعاقبهما في وجه الأرض وكون كل منهما خلفة للآخر بحسب طلوع الشمس وغروبها التابعين لحركات السماوات وسكون الأرض أو في تفاوتهما بازدياد كل منهما بانتقاص الآخر وانتقاصه بازدياده باختلاف حال الشمس بالنسبة إلينا قربا وبعدا بحسب الأزمنة أو في اختلافهما وتفاوتهما بحسب الأمكنة إما في الطول والقصر فإن البلاد القريبة من القطب الشمالي أيامها الصيفية أطول ولياليها الصيفية أقصر من أيام البلاد البعيدة منه ولياليها وإما في أنفسها فإن كرية الأرض تقتضي أن يكون بعض الأوقات في بعض الأماكن ليلا وفي مقابلة نهارا وفي بعضها صباحا وفي بعضها ظهرا أو عصرا أو غير ذلك والليل قيل أنه اسم جنس يفرق بين واحده وجمعه بالتاء كتمر وتمرة والليالي جمع جمع والصحيح أنه مفرد ولا يحفظ له جمع والليالي جمع ليلة وهو جمع غريب كأنهم توهموا أنها ليلاه كما في كيكة وكياكى كأنها جمع كيكاة والنهار اسم لما بين طلوع الفجر وغروب الشمس قاله الراغب وقال ابن فارس هو ضياء ما بينهما وتقديم الليل على النهار إما لأنه الأصل فإن غرر الشهور تظهر في الليالي وإما لتقدمه في الخلفية حسبما ينبئ عنه قوله تعالى وآية لهم الليل نسلخ منه النهار أي نزيلة منه فيخلفه «لآيات» اسم إن دخلته اللام لتأخره عن خبرها والتنكير للتفخيم كما وكيفا أي لآيات كثيرة عظيمة لا يقادر قدرها دالة على تعاجيب شؤونه التي من جملتها ما مر من اختصاص الملك العظيم والقدرة التامة به سبحانه وعدم
(١٢٧)
مفاتيح البحث: العذاب، العذب (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254