تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٢٤
الله عهد إلينا» الخ والتصريح بالقبلية لتأكيد الإشعار وتقوية المدار فإن قدم نزول كتابهم مما يؤيد تمسكهم به «ومن الذين أشركوا أذى كثيرا» من الطعن في الدين الحنيف والقدح في أحكام الشرع الشريف وصد من أراد أن يؤمن وتخطئة من آمن وما كان من كعب بن الأشرف وأضرابه من هجاء المؤمنين وتحريض المشركين على مضادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك مما لا خير فيه «وإن تصبروا» أي على تلك الشدائد والبلوى عند ورودها وتقابلوها بحسن التجمل «وتتقوا» أي تتبتلوا إلى الله تعالى بالكلية معرضين عما سواه بالمرة بحيث يتساوى عندكم وصول المحبوب ولقاء المكروه «فإن ذلك» إشارة إلى الصبر والتقوى وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو درجتهما وبعد منزلتهما وتوحيد حرف الخطاب إما باعتبار كل واحد من المخاطبين وإما لأن المراد بالخطاب مجرد التنبيه من غير ملاحظة خصوصية أحوال المخاطبين «من عزم الأمور» من معزوماتها التي يتنافس فيها المتنافسون أي مما يحب أن يعزم عليه كل أحد لما فيه من كمال المزية والشرف أو مما عزم الله تعالى عليه وأمر به وبالغ فيه يعنى أن ذلك عزمه من عزمات الله تعالى لا بد أن تصبروا وتتقوا والجملة تعليل لجواب الشرط واقع موقعه كأنه قيل وإن تصبروا وتتقوا فهو خير لكم أو فافعلوا أو فقد أحسنتم أو فقد أصبتم فإن ذلك الخ ويجوز أن يكون ذلك إشارة إلى صبر المخاطبين وتقواهم فالجملة حينئذ جواب الشرط وفي إبراز الأمر بالصبر والتقوى في صورة الشرطية من إظهار كمال اللطف بالعبادة ما لا يخفى «وإذ أخذ الله» كلام مستأنف سيق لبيان بعض أذياتهم وهو كتمانهم ما في كتابهم من شواهد نبوته عليه الصلاة والسلام وغيرها وإذ منصوب على المفعولية بمضمر أمر به النبي صلى الله عليه وسلم خاصة بطريق تجريد الخطاب إثر الخطاب الشامل له عليه الصلاة والسلام وللمؤمنين لكون مضمونه من الوظائف الخاصة به عليه الصلاة والسلام وتوجيه الأمر بالذكر إلى الوقت دون ما وقع فيه من الحوادث مع أنها المقصودة بالذات للمبالغة في إيجاب ذكرها على ما مر بيانه في تفسير قوله تعالى وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل الخ أي اذكر وقت اخذه تعالى «ميثاق الذين أوتوا الكتاب» وهم علماء اليهود والنصارى ذكروا بعنوان إيتاء الكتاب مبالغة في تقبيح حالهم «لتبيننه» حكاية لما خوطبوا به والضمير للكتاب وهو جواب لقسم ينبئ عنه أخذ الميثاق كأنه قيل لهم بالله لتبيننه «للناس» وتظهرن جميع ما فيه من الأحكام والأخبار التي من جملتها امر نبوته عليه الصلاة والسلام وهو المقصود بالحكاية وقرئ بالياء لأنهم غيب «ولا تكتمونه» عطف على الجواب وإنما لم يؤكد بالنون لكونه منفيا كما في قولك والله لا يقوم زيد وقيل اكتفى بالتأكيد في الأول لأنه تأكيد له وقيل هو حال من ضمير المخاطبين إما على إضمار مبتدأ بعد الواو أي وأنتم لا تكتمونه وإما على رأى من جوز دخول الواو على المضارع المنفى عند وقوعه حالا أي لتبيننه غير كاتمين والنهى عن الكتمان بعد الأمر بالبيان
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254