تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٢١
لتربية المهابة والالتفات للمبالغة في الوعيد والإشعار باشتداد غضب الرحمن الناشئ من ذكر قبائحهم وقرئ بالياء على الظاهر «لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء» قالته اليهود لما سمعوا قوله تعالى «من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا» وروى انه عليه السلام كتب مع أبي بكر رضي الله عنه إلى يهود بنى قينقاع يدعوهم إلى الإسلام وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأن يقرضوا الله قرضا حسنا فقال فنحاص إن الله فقير حتى سألنا القرض فلطمه أبو بكر رضي الله عنه في وجهه وقال لولا الذي بيننا وبينكم من العهد لضربت عنقك فشكاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجحد ما قاله فنزلت والجمع حينئذ مع كون القائل واحدا لرضا الباقين بذلك والمعنى أنه لم يخف عليه تعالى واعد له من العذاب كفأه والتعبير عنه بالسماع للإيذان بأنه من الشناعة والسماحة بحيث لا يرضى قائله بأن يسمعه سامع والتوكيد القسمي للتشديد في التهديد والمبالغة في الوعيد «سنكتب ما قالوا» أي سنكتب ما قالوه من العظيمة الشنعاء في صحائف الحفظة أو سنحفظه ونثبته في علمنا لا ننساه ولا نهمله كما يثبت المكتوب والسين للتأكيد أي لن يفوتنا أبدا تدوينه وإثباته لكونه في غاية العظم والهول كيف لا وهو كفر بالله تعالى واستهزاء بالقرآن العظيم والرسول الكريم ولذلك عطف عليه قوله تعالى «وقتلهم الأنبياء» إيذانا بأنهما في العظم أخوان وتنبيها على أنه ليس بأول جريمة ارتكبوها بل لهم فيه سوابق وأن من اجترأ على قتل الأنبياء لم يستبعد منه أمثال هذه العظائم والمراد بقتلهم الأنبياء رضاهم بفعل أسلافهم وقوله تعالى «بغير حق» متعلق بمحذوف وقع حالا من قتلهم أي كائنا بغير حق في اعتقادهم أيضا كما هو في نفس الأمر وقرئ سيكتب على البناء للفاعل وسيكتب على البناء للمفعول وقتلهم بالرفع «ونقول ذوقوا عذاب الحريق» أي وننتقم منهم بعد الكتبة بأن نقول لهم ذوقوا العذاب المحرق كما أذقتم المسلمين الغصص وفيه من المبالغات مالا يخفى وقرئ ويقول بالياء ويقال على البناء للمفعول «ذلك» إشارة إلى العذاب المذكور وما فيه من معنى البعد للدلالة على عظم شأنه وبعد منزلته في الهول والفظاعة وهو مبتدأ خبره قوله تعالى «بما قدمت أيديكم» أي بسبب ما اقترفتموه من قتل الأنبياء والتفوه بمثل تلك العظيمة وغيرها من المعاصي والتعبير عن الأنفس بالأيدي لما ان عامة أفاعيلها تزاول بهن ومحل أن في قوله تعالى «وأن الله ليس بظلام للعبيد» الرفع على انه خبر مبتدأ محذوف والجملة اعتراض تذييلى مقرر لمضمون ما قبلها أي والأمر أنه تعالى ليس بمعذب لعبيده بغير ذنب من قبلهم والتعبير عن ذلك بنفي الظلم مع ان تعذيبهم بغير ذنب ليس بظلم ما تقرر من قاعدة أهل السنة فضلا عن كونه ظلما بالغا لبيان كمال نزاهته تعالى عن ذلك بتصويره بصورة ما يستحيل صدوره عنه سبحانه من الظلم كما يعبر عن ترك الإثابة على الأعمال على الأعمال بإضاعتها مع ان الأعمال غير موجبة للثواب حتى يلزم من تخلفه عنها صياغها وصيغة
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254