النزول (1)، أو ضمن معنى (تجنى) وهذه الآية أقتصر فيها على الشر والأخرى ذكر فيها الأمران، ولهذا لما (2) ذكر القسمين ذكر ما يميز أحدهما عن الآخر، وها هنا لما كان المراد ذكر أحدهما اقتصر عليه ب (فعل) ولم يأت ب (افتل).
ومنه قوله تعالى: (اتقوا الله حق تقاته) (3) مع قوله: (فاتقوا الله ما استطعتم) (4)، يحكى عن الشيخ العارف (5) أبي الحسن الشاذلي رحمه الله أنه جمع بينهما، فحمل الآية الأولى على التوحيد، والثانية على الأعمال، والمقام يقتضي ذلك، لأنه قال بعد الأولى:
(ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (3).
وقيل: بل الثانية ناسخة، قال ابن المنير: الظاهر أن قوله: (اتقوا الله حق تقاته) (3) إنما نسخ حكمه لا فضله وأجره، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم (حق تقاته) بأن قال: (هو أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر) فقالوا: أينا يطيق ذلك؟ فنزلت (فاتقوا الله ما استطعتم) (4)، وكان التكليف أولا " باستيعاب العمر بالعبادة بلا فترة ولا نعاس، كما كانت الصلاة خمسين، ثم صارت بحسب الاستطاعة خمسا، والاقتدار منزل على هذا الاعتبار، ولم ينحط من درجاته.