الخامس: أتى بالوحدة ليدل على أن النفخة لا اختلاف في حقيقتها، فهي واحدة بالنوع، كقوله: (وما أمرنا إلا واحدة)، أي لا اختلاف في حقيقته.
ومنها قوله تعالى: (وإلهكم إله واحد)، قيل ما فائدة (إله)؟ وهلا جاء (وإلهكم واحد) وهو أوجز؟
قيل: لو قال: (وإلهكم واحد) لكان ظاهره إخبارا عن كونه واحدا في إلهيته، يعني لا إله غيره، ولم يكن إخبارا " عن توحده في ذاته، بخلاف ما إذا كرر ذكر الإله، والآية إنما سيقت لإثبات أحديته في ذاته ونفي ما يقوله النصارى إنه إله واحد والأقانيم ثلاثة، أي الأصول، كما أن زيدا واحدا وأعضاؤه متعددة، فلما قال: (إله واحد) دل على أحدية الذات والصفة.
ولقائل أن يقول: قوله: (واحد) يحتمل الأحدية في الذات والأحدية في الصفات، سواء ذكر (الإله) أولا، فلا يتم الجواب.
ومنها قوله: (ومناة الثالثة الأخرى)، ومعلوم بقوله: (الثالثة) أنها (الأخرى)، وفائدته التأكيد. ومثله على رأي الفارسي: (وأنه أهلك عادا " الأولى).
وأما قوله: (فخر عليهم السقف من فوقهم)، قيل بمعنى (عن) أي خر عن كفرهم بالله، كما تقول: اشتكى فلان عن دواء شربه، أي من أجل كفرهم. أو بمعنى اللام، أي فخر لهم. وقيل: لأن العرب لا تستعمل لفظه (على) في مثل هذا الموضع إلا في الشر والأمر المكروه، تقول: خربت على فلان ضيعته، كقوله: (واتبعوا