على أن في جواب الفارسي هناك نظرا، فإنه لم يزد على أن جعل نفس السؤال جوابا!
كأنه قيل: لم ذكر العدد وهو متضمن للضمير فقال: لأنه يفيد العدد المجرد، فلم يزد الألفاظ تجردا.
قال: وأما من أجاب بأن (رجلين) منصوب على الحال المبينة و (كان) تامة فهو أظرف من الأول، فإنه سئل عن وجه النظم، وأسلوب البلاغة ونفي مالا يليق بها من الحشو، فأجاب بالإعراب، ولم يجب عن السؤال بشئ، والذي يرد عليه وهو خبر يرد عليه وهو حال، وما زادنا إلا التكلف في جعله حالا.
والذي يظهر في جواب السؤال هو أن (شهيدين) لما صح أن يطلق على المرأتين بمعنى (شخصين شهيدين) قيده قوله تعالى: (من رجالكم)، ثم أعاد الضمير في قوله تعالى: (فإن لم يكونا) على (الشهيدين المطلقين)، وكان عودة عليهما أبلغ ليكون نفي الصفة عنهما كما كان إثباتها لهما، فيكون الشرط موجبا ونفيا على الشاهدين المطلقين لأن قوله: (من رجالكم)، كالشرط، كأنه قال: (إن كانا رجلين)، وفي النظم على هذا الأسلوب من الارتباط وجرى الكلام على نسق واحد مالا خفاء به. وأما في آية المواريث، فالظاهر أن الضمير وضع موضع الظاهر اختصارا لبيان المعنى، بدليل أنه لم يتقدمه ما يدل عليه لفظا، فكأنه قال: (فإن كان الوارث اثنين)، ثم وضع ضمير الاثنين موضع الوارث الذي هو جنس، لما كان المراد به منه (الاثنان). وأيضا فإن الإخبار عن الوارث - وإن كان جمعا - باثنين ففيه تفاوت ما، لكونه مفرد اللفظ، فكان الأليق بحسن النظم وضع المضمر موضع الظاهر، ثم يجرى الخبر على من حدث عنه - وهو الوارث - فيجري الكلام في طريقه، مع الإيجاز في وضع المضمر الظاهر، والسلامة من تفاوت اللفظ، في الإخبار عن لفظ مفرد بمثنى.