وقوله: (يريكم البرق خوفا " وطمعا ") ففسر رؤية البرق بأنه ليس في رؤيته إلا الخوف من الصواعق والطمع في الأمطار. وفيها لطيفة، وهي تقديم الخوف على الطمع إذ كانت الصواعق تقع من أول برقة، ولا يحصل المطر إلا بعد تواتر البرقات، فإن تواترها لا يكاد يكذب، فقدم الخوف على الطمع، ناسخا للخوف، كمجئ الفرج بعد الشدة.
وكقوله: (والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه...) الآية، وفيها لطيفة حيث بدأ بالماشي على بطنه، فإنها سيقت لبيان القدرة، وهو أعجب من الذي بعده، وكذا ما يمشي على رجلين أعجب ممن يمشي على أربع.
وكقوله تعالى: (فمما ملكت أيمانكم)، فهذا عام في المسلم والكافر، ثم بين أن المراد (المؤمنات) بقوله: (من فتياتكم المؤمنات) فخرج تزوج الأمة الكافرة.
وقوله تعالى: (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى) فإن الأول اسم منه والثاني (أفعل) تفضيل، بدليل قوله بعده: (وأضل سبيلا ")، ولهذا قرأ أبو عمرو الأول بالإمالة لأنه اسم، والثاني بالتصحيح ليفرق بين ما هو اسم، وما هو (أفعل) منه بالإمالة وتركها.
فإن قلت: فقد قال النحويون: (أفعل) التفضيل لا يأتي من الخلق، فلا يقال:
زيد أعمى من عمرو، لأنه لا يتفاوت!
قلت: إنما جاز في الآية لأنه من عمى القلب، أي من كان في هذه الدنيا