والنحويين فيها قولان:
أحدهما: أن (مثل) زائدة، والتقدير: ليس كهو شئ.
والثاني - وهو المشهور -: أن الكاف هي الزائدة، وأن (مثل) خبر ليس، ولا خفاء أن القول بزيادة الحرف أسهل من القول بزيادة الاسم.
وممن قال به ابن حني والسيرافي وغيرهما، فقالوا: المعنى ليس مثله شئ، والكاف زائدة، وإلا لاستحال الكلام، لأنها لو لم تكن زائدة كانت بمعنى (مثل)، وإن كانت حرفا، فيكون التقدير: ليس مثل مثله شئ، وإذا قدر هذا التقدير ثبت له مثل، ونفى الشبه عن مثله، وهذا محال من وجهين:
أحدهما: أن الله عز وجل لا مثل له.
والثاني: أن نفس اللفظ به محال في حق كل أحد، وذلك أنا لو قلنا: ليس مثل مثل زيد، لاستحال ذلك، لأن فيه إثبات أن لزيد مثلا، وذلك يستلزم جعل زيد مثلا له، لأن ما ماثل الشئ فقد ماثله ذلك الشئ. وغير جائز أن يكون زيد مثلا لعمرو، وعمرو ليس مثلا " لزيد، فإذا نفينا المثل عن مثل زيد، وزيد هو مثل مثله، فقد اختلفا. ولأنه يلزم منه التناقص على تقدير إثبات المثل، لإن مثل المثل لا يصح نفيه ضرورة كونه مثلا لشئ وهو مثل له.
وأجيب عن الأول بأنا لا نسلم لزوم إثبات المثل، غاية ما فيه نفي مثل مثل الله، وذلك يستلزم ألا يكون له مثل أصلا، ضرورة أن مثل كل شئ فذلك الشئ مثله، فإذا انتفى عن شئ أن يكون مثل عمرو انتفى عن عمرو أن يكون مثله.