و الرافع لذلك الاحتمال قرائن لفظية ومعنوية، واللفظية تنقسم إلى متصلة ومنفصلة.
أما المتصلة فنوعان: نوع يصرف اللفظ إلى غير الاحتمال الذي لولا القرينة لحمل عليه، ويسمى تخصيصا وتأويلا. ونوع يظهر به المراد من اللفظ ويسمى بيانا.
فالأول كقوله تعالى: (حرم الربا)، فإنه دل على أن المراد من قوله سبحانه:
(وأحل الله البيع) البعض دون الكل الذي هو ظاهر بأصل الوضع، وبين أنه ظاهر في الاحتمال الذي دلت عليه القرينة في سياق الكلام، وللشافعي رحمه الله قول بإجمال البيع، لأن الربا مجمل، وهو في حكم المستثنى من البيع، واستثناء المجهول من المعلوم يعود بالإجمال على أصل الكلام. والصحيح الأول، فإن الربا عام في الزيادات كلها، وكون البعض غير مراد نوع تخصيص فلا تتغير به دلالة الأوضاع.
ومثال النوع الثاني قوله تعالى: (من الفجر) فإنه فسر مجمل قوله تعالى: (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود)، إذ لولا (من الفجر) لبقي الكلام الأول على تردده وإجماله.
وقد ورد ان بعض الصحابة كان يربط في رجله الخيط الأبيض والأسود، ولا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له لونهما، فأنزل الله تعالى بعد ذلك (من الفجر)، فعلموا أنه أراد الليل والنهار.
وأما اللفظية المنفصلة فنوعان أيضا ": تأويل وبيان.
فمثال الأول قوله تعالى: (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح روجا " غيره)، فإنه دل على أن المراد بقوله تعالى: (الطلاق مرتان) الطلاق