الواحد سجين و [اسم] (1) الآخر الفلق (1)، فأما سجين فهو مفتوح وإليه ينتهي كتاب الكفار، وعليه يعرض أصحاب المائدة وقوم فرعون، وأما الفلق (1) فهو مغلق لا يفتح إلى يوم القيامة. وقد مضى في " البقرة " (2) أنها سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمائة عام، وسيأتي له في آخر " الطلاق " (3) زيادة بيان إن شاء الله تعالى. وقول ثالث قاله عكرمة وعطية وابن زيد وابن عباس أيضا فيما ذكر المهدوي: إن السماوات كانت رتقا لا تمطر، والأرض كانت رتقا لا تنبت، ففتق السماء بالمطر، والأرض بالنبات، نظيره قوله عز وجل: " والسماء ذات الرجع. والأرض ذات الصدع " (4) [الطارق: 11 - 12]. واختار هذا القول الطبري، لان بعده: " وجعلنا من الماء كل شئ حي أفلا يؤمنون ".
قلت: وبه يقع الاعتبار مشاهدة ومعاينة، ولذلك أخبر بذلك في غير ما آية، ليدل على كمال قدرته، وعلى البعث والجزاء. وقيل:
يهون عليهم إذا يغضبون * سخط العداة وإرغامها ورتق الفتوق وفتق الرتوق * ونقض الأمور وإبرامها وفي قوله تعالى: (وجعلنا من الماء كل شئ حي) ثلاث تأويلات: أحدها: أنه خلق كل شئ من الماء، قاله قتادة. الثاني - حفظ حياة كل شئ بالماء. الثالث - وجعلنا من ماء الصلب كل شئ حي، قاله قطرب. " وجعلنا " بمعنى خلقنا. وروى أبو حاتم البستي في المسند الصحيح له من حديث أبي هريرة قال: قلت يا رسول الله! إذا رأيتك طابت نفسي، وقرت عيني، أنبئني عن كل شئ، قال: (كل شئ خلق من الماء) الحديث، قال أبو حاتم قول أبي هريرة: " أنبئني عن كل شئ " أراد به عن كل شئ خلق من الماء " والدليل على صحة هذا جواب المصطفى إياه حيث قال: (كل شئ خلق من الماء) وإن لم يكن مخلوقا. وهذا احتجاج آخر سوى ما تقدم من كون السماوات والأرض رتقا. وقيل: الكل قد يذكر بمعنى البعض كقوله: " وأوتيت من كل شئ " (5) [النمل: 23]