طأ الأرض فحذفت الهمزة وأدخلت هاء السكت: وقال زر بن حبيش: قرأ رجل على عبد الله بن مسعود " طه. ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " فقال له عبد الله: " طه " فقال:
يا أبا عبد الرحمن أليس قد أمر أن يطأ الأرض برجليه أو بقدميه. فقال: " طه " كذلك أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأمال أبو عمرو وأبو إسحاق الهاء وفتحا الطاء. وأمالهما جميعا أبو بكر وحمزة والكسائي والأعمش. وقرأهما أبو جعفر وشيبة ونافع بين اللفظين واختاره أبو عبيد. الباقون بالتفخيم قال الثعلبي: وهي كلها لغات صحيحة فصيحة. النحاس:
لا وجه للإمالة عند أكثر أهل العربية لعلتين: إحداهما أنه ليس هاهنا ياء ولا كسرة فتكون الإمالة والعلة الأخرى أن الطاء من الحروف الموانع للإمالة فهاتان علتان بينتان.
قوله تعالى: " ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " وقرئ. " ما نزل عليك القرآن لتشقى ".
قال النحاس: بعض النحويين يقول هذه لام النفي وبعضهم يقول لام الجحود. وقال أبو جعفر: وسمعت أبا الحسن بن كيسان يقول: إنها لام الخفض والمعنى ما أنزلنا عليك القرآن للشقاء. والشقاء يمد ويقصر. وهو من ذوات الواو. وأصل الشقاء في اللغة العناء والتعب أي ما أنزلنا عليك القرآن لتتعب. قال الشاعر:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله * وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم فمعنى لتشقى: " لتتعب " بفرط تأسفك عليهم وعلى كفرهم وتحسرك على أن يؤمنوا كقوله تعالى " فلعلك باخع نفسك على آثارهم " (1) [الكهف: 6] أي ما عليك إلا أن تبلغ وتذكر ولم يكتب عليك أن يؤمنوا لا محالة بعد أن لم تفرط في أداء الرسالة والموعظة الحسنة. وروى أن أبا جهل [بن هشام] (2) - لعنه الله تعالى - والنضر بن الحرث قالا للنبي صلى الله عليه وسلم: إنك شقي لأنك تركت دين آبائك فأريد رد ذلك بأن دين الاسلام وهذا القرآن هو السلم إلى نيل كل فوز والسبب في درك كل سعادة وما فيه الكفرة هو الشقاوة بعينها. وعلى الأقوال المتقدمة أنه عليه الصلاة والسلام صلى بالليل حتى اسمغدت (3) قدماه فقال له جبريل: أبق على نفسك فإن لها عليك حقا أي ما أنزلنا عليك القرآن لتنهك نفسك في العبادة وتذيقها المشقة الفادحة وما بعثت إلا بالحنيفية السمحة.