إي ما منعهم عن الايمان إلا حكمي عليهم بذلك، ولو حكمت عليهم بالايمان آمنوا. وسنة الأولين عادة الأولين في عذاب الاستئصال. وقيل: المعنى وما منع الناس أن يؤمنوا إلا طلب أن تأتيهم سنة الأولين فحذف. وسنة الأولين معاينة العذاب، فطلب المشركون ذلك، وقالوا " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك (1) " [الأنفال: 32] الآية. (أو يأتيهم العذاب قبلا) (2) نصب على الحال، ومعناه عيانا، قاله ابن عباس. وقال الكلبي: هو السيف يوم بدر.
وقال مقاتل: فجأة. وقرأ أبو جعفر وعاصم والأعمش وحمزة ويحيى والكسائي " قبلا " بضمتين أرادوا به أصناف العذاب كله (3)، جمع قبيل نحو سبيل وسبل. النحاس: ومذهب الفراء أن " قبلا " جمع قبيل أي متفرقا يتلو بعضه بعضا. ويجوز عنده أن يكون المعنى عيانا. وقال الأعرج: وكانت قراءته " قبلا " معناه جميعا. وقال أبو عمرو: وكانت قراءته " قبلا " ومعناه عيانا.
قوله تعالى: (وما نرسل المرسلين إلا مبشرين) أي بالجنة لمن آمن (ومنذرين) أي مخوفين بالعذاب من الكفر. وقد تقدم. (ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق) قيل: نزلت في المقتسمين كانوا يجادلون في الرسول صلى الله عليه وسلم فيقولون:
ساحر ومجنون وشاعر وكاهن كما تقدم (4). ومعنى: " يدحضوا " يزيلوا ويبطلوا وأصل الدحض الزلق. يقال: دحضت رجله أي زلقت، تدحض دحضا ودحضت الشمس عن كبد السماء زالت ودحضت حجته دحوضا بطلت، وأدحضها الله. والادحاض الازلاق.
وفي وصف الصراط: (ويضرب الجسر على جهنم (5) وتحل الشفاعة فيقولون اللهم سلم سلم) قيل: يا رسول الله وما الجسر؟ قال: " دحض مزلقة " أي تزلق فيه القدم. قال طرفة:
أبا منذر رمت الوفاء فهبته * وحدت كما حاد البعير عن الدحض