الثانية - في هذا من الفقه رحلة العالم في طلب الازدياد من العلم والاستعانة على ذلك بالخادم والصاحب واغتنام لقاء الفضلاء والعلماء وإن بعدت أقطارهم وذلك كان دأب السلف الصالح وبسبب ذلك وصل المرتحلون إلى الحظ الراجح وحصلوا على السعي الناجح، فرسخت لهم في العلوم أقدام وصح لهم من الذكر والاجر والفضل أفضل الأقسام.
قال البخاري: ورحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث.
الثالثة - قوله تعالى: (وإذ قال موسى لفتاه) للعلماء فيه ثلاثة أقوال: أحدهما - أنه كان معه يخدمه والفتى في كلام العرب الشاب ولما كان الخدمة أكثر ما يكونون فتيانا قيل للخادم: فتى على جهة حسن الأدب وندبت الشريعة إلى ذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقل أحكم عبدي ولا أمتي وليقل فتاي وفتاتي) فهذا ندب إلى التواضع، وقد تقدم هذا قي (يوسف) (1). والفتى في الآية هو الخادم وهو يوشع بن نون بن إفراثيم ابن يوسف عليه السلام. ويقال: هو ابن أخت موسى عليه السلام. وقيل: إنما سمى فتى موسى لأنه لزمه ليتعلم منه وإن كان حرا، وهذا معنى الأول. وقيل: إنما سماه فتى لأنه قام مقام الفتى وهو العبد قال الله تعالى: (وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم (1)) وقال: (تراود فتاها عن نفسه (1)) قال ابن العربي: فظاهر القرآن يقتضى أنه عبد وفي الحديث: أنه كان يوشع بن نون. وفي (التفسير) أنه ابن أخته وهذا كله مما لا يقطع به والتوقف فيه أسلم.
الرابعة - قوله تعالى: (أو أمضى حقبا) قال عبد الله بن عمر: والحقب ثمانون سنة. مجاهد: سبعون خريفا. قتادة: زمان، النحاس: الذي يعرفه أهل اللغة أن الحقب والحقبة زمان من الدهر مبهم غير محدود، كما أن رهطا وقوما مبهم غير محدود: وجمعه أحقاب.