قلت: وعلى هذا القول تكون اللام في " لتجزى " متعلقة ب " - أخفيها ". وقال أبو على:
هذا من باب السلب وليس من باب الأضداد، ومعنى " أخفيها " أزيل عنها خفاءها، وهو سترها كخفاء الأخفية [وهي الأكسية] (1) والواحد خفاء بكسر الخاء [ما تلف به] (1) القربة، وإذا زال عنها سترها ظهرت. ومن هذا قولهم: أشكيته، أي أزلت شكواه، وأعديته أي قبلت استعداءه ولم أحوجه إلى إعادته. وحكى أبو حاتم عن الأخفش: أن " كاد " زائدة موكدة.
قال: ومثله " إذا أخرج يده لم يكد يراها " (2) [النور: 40] لان الظلمات التي ذكرها الله تعالى بعضها يحول بين الناظر والمنظور إليه. وروى معناه عن ابن جبير، والتقدير: إن الساعة آتية أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى. وقال الشاعر: (3) سريع إلى الهيجاء شاك سلاحه * فما إن يكاد قرنه يتنفس أراد فما يتنفس. وقال آخر:
وألا ألوم النفس فيما أصابني * وألا أكاد بالذي نلت أنجح معناه: وألا أنجح بالذي نلت، فأكاد توكيد للكلام. وقيل: المعنى " أكاد أخفيها " أي أقارب ذلك، لأنك إذا قلت: كاد زيد يقوم، جاز أن يكون قام، وأن يكون لم يقم.
ودل على أنه قد أخفاها بدلالة غير هذه على هذا الجواب. قال اللغويون: كدت أفعل معناه عند العرب: قاربت الفعل ولم أفعل، وما كدت أفعل معناه: فعلت بعد إبطاء. وشاهده قول الله عزت عظمته: " فذبحوها وما كادوا يفعلون " (4) [البقرة: 71] معناه: وفعلوا بعد إبطاء لتعذر وجدان البقرة عليهم. وقد يكون ما كدت أفعل بمعنى ما فعلت ولا قاربت إذا أكد الكلام بأكاد. وقيل:
معنى. " أكاد أخفيها " أريد أخفيها. قال الأنباري: وشاهد هذا قول الفصيح من الشعر:
كادت وكدت وتلك خير إرادة * لو عاد من لهو الصبابة ما مضى معناه: أرادت وأردت. وقال ابن عباس وأكثر المفسرين فيما ذكره الثعلبي: إن المعنى أكاد أخفيها من نفسي، وكذلك هو في مصحف أبي. وفي مصحف ابن مسعود: أكاد