كذلك؟ قلنا: لا. قال: (لا عليكم أنتم من ذلك براء وأما قولي إذا وعد أخلف فذلك فيما أنزل الله علي (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله) - الآيات الثلاث - (أفأنتم كذلك)؟
قلنا لا، والله لو عاهدنا الله على شئ أو فينا به. قال: (لا عليكم أنتم من ذلك براء وأما قولي وإذا اؤتمن خان فذلك فيما أنزل الله علي " إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال " (1) [الأحزاب: 72] - الآية - (فكل إنسان مؤتمن على دينه فالمؤمن يغتسل من الجنابة في السر والعلانية [والمنافق لا يفعل ذلك إلا في العلانية] أفأنتم كذلك)؟ قلنا لا قال: (لا عليكم أنتم من ذلك براء). وإلى هذا صار كثير من التابعين والأئمة. قالت طائفة: هذا فيمن كان الغالب عليه هذه الخصال. ويظهر من مذهب البخاري وغيره من أهل العلم أن هذه الخلال الذميمة منافق من اتصف بها إلى يوم القيامة. قال ابن العربي: والذي عندي أنه لو غلبت عليه المعاصي ما كان بها كافرا ما لم يؤثر في الاعتقاد. قال علماؤنا: إن إخوة يوسف عليه السلام عاهدوا أباهم فأخلفوه، وحدثوه فكذبوه، وائتمنهم على يوسف فخانوه وما كانوا منافقين. قال عطاء بن أبي رباح: قد فعل هذه الخلال إخوة يوسف ولم يكونوا منافقين بل كانوا أنبياء (2). وقال الحسن بن أبي الحسن البصري: النفاق نفاقان، نفاق الكذب ونفاق العمل، فأما نفاق الكذب فكان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما نفاق العمل فلا ينقطع إلى يوم القيامة. وروى البخاري عن حذيفة أن النفاق كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما اليوم فإنما هو الكفر بعد الايمان.
قوله تعالى: (ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم) هذا توبيخ، وإذا كان عالما فإنه سيجازيهم.
قوله تعالى: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم (79)