قوله تعالى: قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والابصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الامر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون (31) المراد بمساق هذا الكلام الرد على المشركين وتقرير الحجة عليهم، فمن اعترف منهم فالحجة ظاهرة عليهم، ومن لم يعترف فيقرر عليه أن هذه السماوات والأرض لا بد لهما من خالق، ولا يتمارى في هذا عاقل. وهذا قريب من مرتبة الضرورة. " من السماء " أي بالمطر.
" والأرض " بالنبات. (أمن يملك السمع والابصار) أي من جعلهما وخلقهما لكم.
(ومن يخرج الحي من الميت) أي النبات من الأرض، والانسان من النطفة، والسنبلة من الحبة، والطير من البيضة، والمؤمن من الكافر. (ومن يدبر الامر) أي يقدره ويقضيه.
(فسيقولون الله) لأنهم كانوا يعتقدون أن الخالق هو الله، أو فسيقولون هو الله إن فكروا وأنصفوا (فقل) لهم يا محمد. (أفلا تتقون) أي أفلا تخافون عقابه ونقمته في الدنيا والآخرة.
قوله تعالى: فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون (32) قوله تعالى: (فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال) فيه ثماني مسائل:
الأولى - قوله تعالى: " فذلكم الله ربكم الحق " أي هذا الذي يفعل هذه الأشياء هو ربكم الحق، لا ما أشركتم معه. " فماذا بعد الحق " " ذا " صلة أي ما بعد عبادة الاله الحق إذا تركت عبادته إلا الضلال. وقال بعض المتقدمين: ظاهر هذه الآية يدل على أن ما بعد الله هو الضلال، لان أولها " فذلكم الله ربكم الحق " وآخرها " فماذا بعد الحق إلا الضلال " فهذا في الايمان والكفر، ليس في الأعمال. وقال بعضهم: إن الكفر تغطية الحق، وكل ما كان غير الحق جرى هذا المجرى، فالحرام ضلال والمباح هدى، فإن الله هو المبيح والمحرم. والصحيح الأول، لان قبل " قل من يرزقكم من السماء والأرض "