قوله تعالى: وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين (90) قوله تعالى: (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر) تقدم القول فيه في " البقرة " في قوله:
" وإذ فرقنا بكم البحر " (1). وقرأ الحسن " وجوزنا " وهما لغتان. (فأتبعهم فرعون وجنوده) يقال: تبع وأتبع بمعنى واحد، إذا لحقه وأدركه. وأتبع (بالتشديد) إذا سار خلفه. وقال الأصمعي: أتبعه (بقطع الألف) إذا لحقه وأدركه، وأتبعه (بوصل الألف) إذا أتبع أثره، أدركه أو لم يدركه. وكذلك قال أبو زيد. وقرأ قتادة " فاتبعهم " بوصل الألف. وقيل:
" اتبعه " (بوصل الألف) في الامر اقتدى به. وأتبعه (بقطع الألف) خيرا أو شرا، هذا قول أبي عمرو. وقد قيل هما بمعنى واحد. فخرج موسى ببني إسرائيل وهم ستمائة ألف وعشرون ألفا، وتبعه فرعون مصبحا في ألفي ألف وستمائة ألف. وقد تقدم.
(2) (بغيا) نصب على الحال.
(وعدوا) معطوف عليه، أي في حال بغي واعتداء وظلم، يقال: عدا يعدو عدوا، مثل غزا يغزو غزوا. وقرأ الحسن " وعدوا " بضم العين والدال وتشديد الواو، مثل علا يعلو علوا. وقال المفسرون: " بغيا " طلبا للاستعلاء بغير حق في القول، " وعدوا " في الفعل، فهما نصب على المفعول له. (حتى إذا أدركه الغرق) أي ناله ووصله. (قال آمنت) أي صدقت. (أنه) أي بأنه. (لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل) فلما حذف الخافض تعدى الفعل فنصب.
وقرئ بالكسر، أي صرت مؤمنا ثم استأنف. وزعم أبو حاتم أن القول محذوف، أي آمنت فقلت إنه، والايمان لا ينفع حينئذ، والتوبة مقبولة قبل رؤية البأس، وأما بعدها وبعد المخالطة فلا تقبل، حسب ما تقدم في " النساء " (3) بيانه. ويقال: إن فرعون هاب دخول البحر وكان على حصان أدهم ولم يكن في خيل فرعون فرس أنثى، فجاء جبريل على فرس وديق