قوله تعالى: الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون (20) قوله تعالى: " الذين آمنوا " في موضع رفع بالابتداء. وخبره " أعظم درجة عند الله ". و " درجة " نصب على البيان، أي من الذين افتخروا بالسقي والعمارة. وليس للكافرين درجة عند الله حتى يقال: المؤمن أعظم درجة. والمراد أنهم قدروا لأنفسهم الدرجة بالعمارة والسقي فخاطبهم على ما قدروه في أنفسهم وإن كان التقدير خطأ كقوله تعالى: " أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا " (1) [الفرقان: 24]. وقيل: " أعظم درجة " من كل ذي درجة، أي لهم المزية والمرتبة العلية. " وأولئك هم الفائزون " بذلك.
قوله تعالى: يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم (21) خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم (22) قوله تعالى: " يبشرهم ربهم " أي يعلمهم في الدنيا ما لهم في الآخرة من الثواب الجزيل والنعيم المقيم. والنعيم: لين العيش ورغده. (خالدين) نصب على الحال. والخلود الإقامة. (إن الله عنده أجر عظيم) أي أعد لهم في دار كرامته ذلك الثواب.
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الايمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون (23) ظاهر هذه الآية أنها خطاب لجميع المؤمنين كافة، وهي باقية الحكم إلى يوم القيامة في قطع الولاية بين المؤمنين والكافرين. وروت فرقة أن هذه الآية إنما نزلت في الحض على الهجرة ورفض بلاد الكفرة. فالمخاطبة على هذا إنما هي للمؤمنين الذين كانوا بمكة وغيرها