وكذلك ما عطف عليه. ثم قال: " ويتوب الله " أي إن تقاتلوهم. فجمع بين تعذيبهم بأيديكم وشفاء صدوركم وإذهاب غيظ قلوبكم والتوبة عليكم. والرفع أحسن، لان التوبة لا يكون سببها القتال، إذ قد توجد بغير قتال لمن شاء الله أن يتوب عليه في كل حال.
قوله تعالى: أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون (16) قوله تعالى: (أم حسبتم) خروج من شئ إلى شئ. (أن تتركوا) في موضع المفعولين على قول سيبويه. وعند المبرد أنه قد حذف الثاني. ومعنى الكلام: أم حسبتم أن تتركوا من غير أن تبتلوا بما يظهر به المؤمن والمنافق الظهور الذي يستحق به الثواب والعقاب. وقد تقدم هذا المعنى في غير موضع. " ولما يعلم " جزم بلما وإن كانت ما زائدة، فإنها تكون عند سيبويه جوابا لقولك: قد فعل كما تقدم (1). وكسرت الميم لالتقاء الساكنين. " وليجة " بطانة ومداخلة من الولوج وهو الدخول ومنه سمي الكناس (2) الذي تلج فيه الوحوش تولجا. ولج يلج ولوجا إذا دخل. والمعنى: دخيلة مودة من دون الله ورسوله. وقال أبو عبيدة: كل شئ أدخلته في شئ ليس منه فهو وليجة والرجل يكون في القوم وليس منهم وليجة. وقال ابن زيد: الوليجة الدخيلة والولجاء الدخلاء فوليجة الرجل من يختص بدخلة أمره دون الناس. تقول: هو وليجتي وهم وليجتي الواحد والجمع فيه سواء. قال أبان بن تغلب رحمه الله:
فبئس الوليجة للهاربين * والمعتدين وأهل الريب وقيل: وليجة بطانة، والمعنى واحد، نظيره " لا تتخذوا بطانة من دونكم " (1) [آل عمران: 118]. وقال الفراء:
وليجة بطانة من المشركين يتخذونهم ويفشون إليهم أسرارهم ويعلمونهم أمورهم.