ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها. إذا ائتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر) خرجه البخاري. وقد مضى في [البقرة] اشتقاق هذه الكلمة (1)، فلا معنى لإعادتها. واختلف الناس في تأويل هذا الحديث، فقالت طائفة: إنما ذلك لمن يحدث بحديث يعلم أنه كذب، ويعهد عهدا لا يعتقد الوفاء به، وينتظر الأمانة للخيانة فيها. وتعلقوا بحديث ضعيف الاسناد، وأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لقي أبا بكر وعمر رضي الله عنهما خارجين من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما ثقيلان (2) فقال علي: مالي أراكما ثقيلين؟ (2) قالا حديثا سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال المنافقين (إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا ائتمن خان وإذا وعد أخلف) فقال علي:
أفلا سألتماه؟ فقالا: هبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لكني سأسأله، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، خرج أبو بكر وعمر وهما ثقيلان، ثم ذكر ما قالاه، فقال: (قد حدثتهما ولم أضعه على الوضع الذي وضعاه ولكن المنافق إذا حدث وهو يحدث نفسه أنه يكذب وإذا وعد وهو يحدث نفسه أنه يخلف وإذا ائتمن وهو يحدث نفسه أنه يخون) ابن العربي: قد قام الدليل الواضح على أن متعمد هذه الخصال لا يكون كافرا، وإنما يكون كافرا باعتقاد يعود إلى الجهل بالله وصفاته أو تكذيب له [تعالى الله وتقدس عن اعتقاد الجاهلين وعن زيغ الزائغين (3)]. وقالت طائفة: ذلك مخصوص بالمنافقين زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتعلقوا بما رواه مقاتل بن حيان عن سعيد بن جبير عن ابن عمر وابن عباس قالا: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه فقلنا: يا رسول الله، إنك قلت (ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلي وزعم أنه مؤمن إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان ومن كانت فيه خصلة منهن ففيه ثلث النفاق) فظننا أنا لم نسلم منهن أو من بعضهن ولم يسلم منهن كثير من الناس، قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (مالكم ولهن إنما خصصت بهن المنافقين كما خصهم الله في كتابه أما قولي إذا حدث كذب فذلك قوله عز وجل " إذا جاءك المنافقون... " [المنافقون: 1] - الآية - أفأنتم