قوله تعالى: وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين (62) وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم (63) قوله تعالى: (وإن يريدوا أن يخدعوك) أي بأن يظهروا لك السلم، ويبطنوا الغدر والخيانة، فاجنح فما عليك من نياتهم الفاسدة. (فإن حسبك الله) كافيك الله، أي يتولى كفايتك وحياطتك. قال الشاعر:
إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا * فحسبك والضحاك سيف مهند أي كافيك وكافي الضحاك سيف.
قوله تعالى: (هو الذي أيدك بنصره) أي قواك بنصره. يريد يوم بدر. (وبالمؤمنين) قال النعمان بن بشير: نزلت في الأنصار. (وألف بين قلوبهم) أي جمع بين قلوب الأوس والخزرج. وكان تألف القلوب مع العصبية الشديدة في العرب من آيات النبي صلى الله عليه وسلم ومعجزاته، لان أحدهم كان يلطم اللطمة فيقاتل عنها حتى يستقيدها. وكانوا أشد خلق الله حمية، فألف الله بالايمان بينهم، حتى قاتل الرجل أباه وأخاه بسبب الدين. وقيل:
أراد التأليف بين المهاجرين والأنصار. والمعنى متقارب.
قوله تعالى: يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين (64) ليس هذا تكريرا فإنه قال فيما سبق: (وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله) وهذه كفاية خاصة. وفي قوله: (يا أيها النبي حسبك الله) أراد التعميم، أي حسبك الله في كل حال وقال ابن عباس: نزلت في إسلام عمر فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان أسلم معه ثلاثة وثلاثون رجلا وست نسوة، فأسلم عمر وصاروا أربعين. والآية مكية، كتبت بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في سورة مدنية، ذكره القشيري.