قوله تعالى: (وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات) أي بساتين (تجري من تحتها الأنهار) أي من تحت أشجارها وغرفها الأنهار. وقد تقدم في " البقرة " أنها تجري منضبطة بالقدرة في غير أخدود (1). (خالدين فيها ومساكن طيبة) قصور من الزبرجد والدر والياقوت يفوح طيبها من مسيرة خمسمائة عام. (في جنات عدن) أي في دار إقامة. يقال: عدن بالمكان إذا أقام به، ومنه المعدن. وقال عطاء الخراساني: " جنات عدن " هي قصبة الجنة، وسقفها عرش الرحمن عز وجل. وقال ابن مسعود: هي بطنان الجنة، أي وسطها.
وقال الحسن: هي قصر من ذهب لا يدخلها إلا نبي أو صديق أو شهيد أو حكم عدل، ونحوه عن الضحاك. وقال مقاتل والكلبي: عدن أعلى درجة في الجنة، وفيها عين التسنيم، والجنان حولها محفوفة بها، وهي مغطاة من يوم خلقها الله حتى ينزلها الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون ومن يشاء الله. (ورضوان من الله أكبر) أي أكبر من ذلك.
" ذلك هو الفوز العظيم ".
قوله تعالى: يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير (83) فيه مسألتان:
الأولى - قوله تعالى: (يا أيها النبي جاهد الكفار) الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وتدخل فيه أمته من بعده. قيل: المراد جاهد بالمؤمنين الكفار. وقال ابن عباس:
أمر بالجهاد مع الكفار بالسيف، ومع المنافقين باللسان وشدة الزجر والتغليظ. وروي عن ابن مسعود أنه قال: جاهد المنافقين بيدك، فإن لم تستطع فبلسانك، فإن لم تستطع فاكفهر (2) في وجوههم. وقال الحسن: جاهد المنافقين بإقامة الحدود عليهم وباللسان - واختاره قتادة - وكانوا أكثر من يصيب الحدود. ابن العربي: أما إقامة الحجة باللسان فكانت دائمة وأما بالحدود لان أكثر إصابة الحدود كانت عندهم فدعوى لا برهان