قوله تعالى: (إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين) قيل:
كانوا ثلاثة نفر، هزئ اثنان وضحك واحد، فالمعفو عنه هو الذي ضحك ولم يتكلم. والطائفة الجماعة، ويقال للواحد على معنى نفس طائفة. وقال ابن الأنباري: يطلق لفظ الجمع على الواحد، كقولك: خرج فلان على البغال. قال: ويجوز أن تكون الطائفة إذا أريد بها الواحد طائفا، والهاء للمبالغة. واختلف في اسم هذا الرجل الذي عفي عنه على أقوال.
فقيل: مخشي بن حمير، قاله ابن إسحاق. وقال ابن هشام: ويقال فيه ابن مخشي. وقال خليفة بن خياط في تاريخه: اسمه مخاشن بن حمير. وذكر ابن عبد البر مخاشن الحميري [وذكر السهيلي مخشن بن خمير] (1). وذكر جميعهم أنه استشهد باليمامة، وكان تاب وسمي عبد الرحمن، فدعا الله أن يقتل شهيدا ولا يعلم بقبره. واختلف هل كان منافقا أو مسلما.
فقيل: كان منافقا ثم تاب توبة نصوحا. وقيل: كان مسلما، إلا أنه سمع المنافقين فضحك لهم ولم ينكر عليهم.
قوله تعالى: المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون (67) قوله تعالى: (المنافقون والمنافقات) ابتداء. " بعضهم " ابتداء ثان. ويجوز أن يكون بدلا، ويكون الخبر " من بعض ". ومعنى " بعضهم من بعض " أي هم كالشئ الواحد في الخروج عن الدين. وقال الزجاج، هذا متصل بقوله: " يحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم " [التوبة: 56] أي ليسوا من المؤمنين، ولكن بعضهم من بعض، أي متشابهون في الامر بالمنكر والنهي عن المعروف. وقبض أيديهم عبارة عن [ترك] الجهاد، وفيما يجب عليهم من حق. والنسيان: الترك هنا، أي تركوا ما أمرهم الله به فتركهم في الشك. وقيل: إنهم تركوا أمره حتى صار كالمنسي فصيرهم بمنزلة المنسي من ثوابه. وقال قتادة: " نسيهم " أي من الخير، فأما من الشر فلم ينسهم. والفسق: الخروج عن الطاعة والدين. وقد تقدم.
(2)