قوله تعالى: وإذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون (12) قوله تعالى: (وإذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه) قيل: المراد بالانسان هنا الكافر، قيل: هو أبو حذيفة بن المغيرة المشرك، تصيبه البأساء والشدة (1) والجهد. " دعانا لجنبه " أي على جنبه مضطجعا. (أو قاعدا أو قائما) وإنما أراد جميع حالاته، لان الانسان لا يعدو إحدى هذه الحالات الثلاثة. قال بعضهم: إنما بدأ بالمضطجع لأنه بالضر أشد في غالب الامر، فهو يدعو أكثر، واجتهاده أشد، ثم القاعد ثم القائم. (فلما كشفنا عنه ضره مر) أي استمر على كفره ولم يشكر ولم يتعظ.
قلت: وهذه صفة كثير من المخلطين الموحدين، إذا أصابته العافية مر على ما كان عليه من المعاصي، فالآية تعم الكافر وغيره. (كأن لم يدعنا) قال الأخفش: هي " كأن " الثقيلة خففت، والمعنى كأنه وأنشد:
وي كأن من يكن له نشب يحبب * ومن يفتقر يعش عيش ضر (2) (كذلك زين) أي كما زين لهذا الدعاء عند البلاء والاعراض عند الرخاء. (زين للمسرفين) أي للمشركين أعمالهم من الكفر والمعاصي. وهذا التزيين يجوز أن يكون من الله، ويجوز أن يكون من الشيطان، وإضلاله دعاؤه إلى الكفر.
قوله تعالى: ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزى القوم المجرمين (13) قوله تعالى: (ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا) يعني الأمم الماضية من قبل أهل مكة أهلكناهم. (لما ظلموا) أي كفروا وأشركوا. (وجاء تهم رسلهم بالبينات)