أي لرجعوا إليه. (وهم يجمحون) أي يسرعون، لا يرد وجوههم شئ. من جمح الفرس إذا لم يرده اللجام. قال الشاعر:
سبوحا جموحا وإحضارها * كمعمعة السعف الموقد (1) والمعنى: لو وجدوا شيئا من هذه الأشياء المذكورة لولوا إليه مسرعين هربا من المسلمين.
قوله تعالى: ومنهم من يلزمك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن يعطوا منها إذا هم يسخطون (58) قوله تعالى: " ومنهم من يلزمك في الصدقات " أي يطعن عليك، عن قتادة.
الحسن: يعيبك. وقال مجاهد: أي يروزك (2) ويسألك. النحاس: والقول عند أهل اللغة قول قتادة والحسن. يقال: لمزه يلمزه إذا عابه. واللمز في اللغة العيب في السر. قال الجوهري: اللمز العيب، وأصله الإشارة بالعين ونحوها، وقد لمزه يلمزه ويلمزه وقرئ بهما " ومنهم من يلمزك في الصدقات ". ورجل لماز ولمزة أي عياب. ويقال أيضا: لمزه يلمزه إذا دفعه وضربه. والهمز مثل اللمز. والهامز والهماز العياب، والهمزة مثله. يقال:
رجل همزة وامرأة همزة أيضا. وهمزه أي دفعه وضربه. ثم قيل: اللمز في الوجه، والهمز بظهر الغيب. وصف الله قوما من المنافقين بأنهم عابوا النبي صلى الله عليه وسلم في تفريق الصدقات، وزعموا أنهم فقراء ليعطيهم. قال أبو سعيد الخدري: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم مالا إذ جاءه حرقوص بن زهير أصل الخوارج، ويقال له ذو الخويصرة التميمي، فقال: اعدل يا رسول الله. فقال: (ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل) فنزلت الآية. حديث صحيح أخرجه مسلم بمعناه. وعندها قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق. فقال: (معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي إن هذا وأصحابه يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية).