قال النحاس: وفي نصب الشركاء على هذه القراءة ثلاثة أوجه، قال الكسائي والفراء: هو بمعنى وادعوا شركاءكم لنصرتكم، وهو منصوب عندهما على إضمار هذا الفعل. وقال محمد بن يزيد: هو معطوف على المعنى، كما قال:
يا ليت زوجك في الوغى * متقلدا سيفا ورمحا والرمح لا يتقلد، إلا أنه محمول كالسيف. وقال أبو إسحاق الزجاج: المعنى مع شركائكم على تناصر كم، كما يقال: التقى الماء والخشبة. والقراءة الثانية من الجمع، اعتبارا بقوله تعالى:
" فجمع كيده ثم أتى " (1) [طه: 60]. قال أبو معاذ: ويجوز أن يكون جمع وأجمع بمعنى واحد، " وشركاءكم " على هذه القراءة عطف على " أمركم "، أو على معنى فأجمعوا أمركم وأجمعوا شركاءكم، وإن شئت بمعنى مع. قال أبو جعفر النحاس: وسمعت أبا إسحاق يجيز قام زيد وعمرا. والقراءة الثالثة على أن يعطف الشركاء على المضمر المرفوع في أجمعوا، وحسن ذلك لان الكلام قد طال. قال النحاس وغيره: وهذه القراءة تبعد، لأنه لو كان مرفوعا لوجب أن تكتب بالواو، ولم ير في المصاحف واو في قوله " وشركاء كم "، وأيضا فإن شركاء هم الأصنام، والأصنام لا تصنع شيئا ولا فعل لها حتى تجمع. قال المهدوي: ويجوز أن يرتفع الشركاء بالابتداء والخبر محذوف، أي وشركاءكم ليجمعوا أمرهم، ونسب ذلك إلى الشركاء وهي لا تسمع ولا تبصر ولا تميز على جهة التوبيخ لمن عبدها.
قوله تعالى: (ثم لا يكن أمركم عليكم غمة) اسم يكن وخبرها. وغمة وغم سواء، ومعناه التغطية، من قولهم: غم الهلال إذا استتر، أي ليكن أمركم ظاهرا منكشفا تتمكنون فيه مما شئتم، لا كمن يخفى أمره فلا يقدر على ما يريد. قال طرفة:
لعمرك ما أمري علي بغمة * نهاري ولا ليلي علي بسرمد