قوله تعالى: (لا يزال بنيا نهم الذي بنوا) يعني مسجد الضرار. (ريبة) أي شكا في قلوبهم ونفاقا، قاله ابن عباس وقتادة والضحاك. وقال النابغة:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة * وليس وراء الله للمرء مذهب وقال الكلبي: حسرة وندامة، لأنهم ندموا على بنيانه. وقال السدي وحبيب والمبرد:
" ريبة " أي حزازة وغيظا. (إلا أن تقطع قلوبهم) قال ابن عباس: أي تنصدع قلوبهم فيموتوا، كقوله: " لقطعنا منه الوتين " (1) [الحاقة: 46] لان الحياة تنقطع بانقطاع الوتين (2)، وقاله قتادة والضحاك ومجاهد. وقال سفيان: إلا أن يتوبوا. عكرمة: إلا أن تقطع قلوبهم في قبورهم، وكان أصحاب عبد الله بن مسعود يقرؤونها: " ريبة في قلوبهم ولو تقطعت قلوبهم ".
وقرأ الحسن ويعقوب وأبو حاتم " إلى أن تقطع " على الغاية، أي لا يزالون في شك منه إلى أن يموتوا فيستيقنوا ويتبينوا. واختلف القراء في قوله " تقطع " فالجمهور " تقطع " بضم التاء وفتح القاف وشد الطاء على الفعل المجهول. وقرأ ابن عامر وحمزة وحفص ويعقوب كذلك إلا أنهم فتحوا التاء. وروي عن يعقوب وأبي عبد الرحمن " تقطع " على الفعل المجهول مخفف القاف. وروي عن شبل وابن كثير " تقطع " خفيفة القاف " قلوبهم " نصبا، أي أنت تفعل ذلك بهم. وقد ذكرنا قراءة أصحاب عبد الله. (والله عليم حكيم) تقدم (3).
قوله تعالى: إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم (111)