(إلا في كتاب مبين) يعني اللوح المحفوظ مع علم الله تعالى به. قال الجرجاني " إلا " بمعنى واو النسق، أي وهو في كتاب مبين، كقوله تعالى: " إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم " (1) [النمل: 10 - 11] أي ومن ظلم. وقوله: " لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم " (2) [البقرة: 150] أي والذين ظلموا منهم، ف " - إلا " بمعنى واو النسق، وأضمر هو بعده كقوله: " وقولوا حطة " (3) [البقرة: 58] أي هي حطة. وقوله: " ولا تقولوا ثلاثة " (4) [النساء: 171] أي هم ثلاثة. ونظير ما نحن فيه:
" وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين " (5) [الانعام: 59] وهو في كتاب مبين.
قوله تعالى: ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون (62) قوله تعالى: " ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم " أي في الآخرة. " ولا هم يحزنون " لفقد الدنيا. وقيل: " لا خوف عليهم ولا هم يحزنون " أي من تولاه الله تعالى وتولى حفظه وحياطته ورضي عنه فلا يخاف يوم القيامة ولا يحزن، قال الله تعالى: " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها - أي عن جهنم - مبعدون - إلى قوله " لا يحزنهم الفزع الأكبر " (6) [الأنبياء: 101 - 103]. وروى سعيد بن جبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: من أولياء الله؟
فقال: (الذين يذكر الله برؤيتهم). وقال عمر بن الخطاب في هذه الآية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن من عباد الله عبادا ما هم بأنبياء ولا شهداء تغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة لمكانهم من الله تعالى). قيل: يا رسول الله، خبرنا من هم وما أعمالهم فلعلنا نحبهم. قال: (هم قوم تحابوا في الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطون بها فوالله إن وجوههم لنور وإنهم على منابر من نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس - ثم قرأ - ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ". وقال